معالي وزير العمل.. أتابع ويتابع غيري جهودكم في علاج بعض المشكلات التي تواجه طبيعة عمل الوزارة. وأتمنى للوزارة النجاح وغيري يتمنى على الدوام ذلك، لأن في صلاح أعمال وزارة العمل ونجاح القائمين على شؤونها فائدة وطنية يعم خير نتائجها الجميع وهذا مبتغى العقلاء، وأحسب أن تقدم وانضباط أي وزارة أو مصلحة معنية بشؤون العمل بمفهومه المطلق على أي أرض في العالم مؤشر واضح للدلالة على الاستقرار وإمكانية تحقيق الرفاهية وهذا مطلب يتجاوز حدود البعد الإنساني في المسألة بشكل عام إلى البعد السياسي وإلى ما هو أبعد ولربما أهم. معالي الوزير: توجهت لكم بنداء عبر أكثر من مقال في غير مكان، ورجوت من الله سبحانه وقتها أن تقع تحت أنظاركم وأن تحظى بمشاغبة فطنتكم لما بها من علل عمالية كما أظن. ولأن بعض الظن إثم فإنني أؤكد أنها لم تلق أدنى حظ من الاهتمام آنذاك. من المسلمات، أن نظام العمل السعودي صادر بإرادة سيادية سامية منتهية بالتوجيه القطعي لإنفاذ مقتضاه والتمشي بموجب تفاصيله وبالتالي لا يجوز الخروج عليه تحت أي مبرر، وفي إطار الاختصاص تتحمل وزارة العمل صيانته من المخالفات وحمايته من العبث والدفاع عنه وقت اللزوم بصفته الشريان الحيوي في جسم الوزارة والتحدي الأبرز الذي يواجهها حال اعتلال نبضه لما ينطوي عليه من أهمية لتحقيق العدالة بين ذوي العلاقة الخاضعين لنصوصه، بمعنى أن أي مقاومة ضد الخضوع لسيادته بصفته قانوناً مُلزماً، تُعد بعد إتاحة الفرصة للظلم مغامرة بحاضر ومستقبل الأمن الوظيفي الذي ينعكس على غيابه سلبيات عديدة على رأسها ضياع العدالة الاجتماعية. معالي الوزير: اتسع مجال تطبيق نظام العمل وتمدد ليشمل آلاف العاملين في القطاع العام (الحكومي) ومن المتوقع أن يستمر التمدد -أي أن انحصاره على القطاع الأهلي (الخاص) بشكل أكبر كما يشاع أصبح في حسابات الماضي- ومن هذا المنطلق يتطلع الجميع إلى دور فاعل من الوزارة للوقوف على سلامة وعدالة تطبيقه وعلى الأخص في الجهات الحكومية التي تختلط معه في جنباتها أنظمة ولوائح الخدمة المدنية للحد من الازدواجية في التعامل والتداخل في المفاهيم القانونية لتحقيق مبدأ العدالة التي هدف إليها المشرع من خلال صدور هذا النظام والأمر بتفعيله بما فيه من صفة آمرة مضادة لسلطان الإرادة المنفردة لحماية مصلحة العامل بصفته الحلقة الأضعف في أطراف التعاقد دون إغفال لحقوق الطرف الآخر -صاحب العمل أو جهة العمل- إذا نظرنا للأمر من حيث اتساع مظلته. القضية: اعتمدت وزارة العمل في منتصف شهر رجب لعام 1429 لائحة عمل تنظيمية لإحدى الوزارات التي يخضع فيها آلاف العاملين (لنظام العمل السعودي) ولأكثر من عقد من الزمن قبل صدور اللائحة، بعقود عمل تضمنت حقوقاً ومزايا أصبحت بحكم التقادم ووفقا لنصوص النظام (مكتسبة لا يجوز المساس بها)، إلا أن اللائحة بعد اعتمادها من قبل وزارة العمل أثرت بشكل مباشر على حقوق العاملين وعلى وجه التحديد (الإجازات) بالانتقاص عما سبق تحديده في عقود عملهم الغالب عليها صفة غير محددة المدة عطفاً على طول أمد سريانها قبل صدور اللائحة التنظيمية التي أصبح اعتمادها أداة قوة يستخدمها الغير ضد أحكام نظام العمل وبمباركة من الوزارة المعنية بحمايته أصلاً، إما جهلاً بنصوص النظام أو تعسفاً بها لتضييع بالتالي بعض حقوق العاملين تحت غطاء هذه اللائحة التي لا يجب أن يطول أي تعديل جديد فيها أي حقوق مادية أو معنوية سبق للعمال اكتسابها بصفتها ناشئة من عقود العمل وفي هذا المنعطف تظهر خطورة المسألة. معالي الوزير: نظام العمل يُحرم الانتقاص من حقوق العاملين المضمنة في عقودهم من خلال قاعدة قانونية صلبة، ويبطل علاوة على ذلك لتأكيد رفض الانتقاص وبنص صريح كل اتفاق بين طرفي عقد العمل على مخالفة أحكامه حتى لوكان بالتراضي ما لم يكن فيه فائدة أكثر للعامل. مِنْ كُل ذلك يهدف النظام إلى تجسيد مبدأ حماية الطرف الأضعف (العمال) الذين يترقبون خطوة جادة، سريعة وحازمة من معاليكم لاستعادة حقوقهم المسلوبة وإبراء ذمة الوزارة التي تحمل (أنت) حقيبتها ووزرها، فهل تفعل حفظك الله؟