الاقتصادية - السعودية يعيش المواطن السعودي حالة من الضغط الاجتماعي والنفسي للظهور بمستوى معين. يندر أن يعترف شخص منا أن وضعه المادي لا يسمح له مثلا بركوب سيارة فاخرة أو استقدام خادمة أو سائق أو لبس أجمل الحلي وأغلاها أو السفر ولو بضعة أيام كل سنة خارج البلاد. هذه الحالة تفاقمت مع تقديم المصارف تنازلاتها فيما يخص القروض، بل سعيها الحثيث لجذب أكبر نسبة نحو "المصيدة". ثم إن تعاون المصارف أوجد لها وسيلة و"سمة" تسمح لها باختراق الحسابات المصرفية ومراقبة كل حركات وسكنات المواطن. يظهر الأمر جليا في شوارع مدننا حيث أكبر عدد من المراكز التجارية التي تضم أرقى الماركات العالمية. فإن قيل إن لندن وباريس تحويان أفضل مما لدينا، فقد جاء الفرج من مركز "نايت فرانك للدراسات الاستشارية" الذي أثبت بالأرقام أن "لنا الصدر" في الإنفاق على السلع الفاخرة. احتلت المملكة المركز الثالث على مستوى العالم في الإنفاق على السلع الفاخرة، ولم يسبقها أي من دول العالم الغربي أو الشرقي، وإنما سبقنا أبناء عمومتنا إذ احتلت قطر المركز الأول والإمارات المركز الثاني. وبحسب الدراسة فقد أنفق السعوديون على السلع الفاخرة مبالغ لا تتفق مع مركزهم في عدد مالكي الثروات التي تتجاوز 100 مليون ريال. إذ ذكر التقرير أن أيا من مدن المملكة لم تكن ضمن أكبر 87 مدينة في عدد مالكي الثروات. قد يستغرب الواحد منا تلك النتيجة مقارنة بما نشاهده من القصور والاستراحات والمخططات والمصانع التي تدر ثروات هائلة، بل الوكالات العالمية التي يمثلها سعوديون، فيتساءل: هل هي من قبيل "الفشخرة"، أم أن تجارنا يخافون من العين فيخفون أموالهم بتوزيعها على المصارف والحسابات الدولية التي لا رقيب عليها. استخلصت من تلك الإحصائية أن عددا كبيرا من التجار وذوي الثروات يحاولون إخفاء ثرواتهم خوفا من عوامل أبسطها مصلحة الزكاة والدخل، وأخطرها قذائف العين التي كثرت ضحاياها، وأن المواطن البسيط يحاول أن يقلد المواطن الغني من خلال ملكية الأشياء والسفر والظهور ب"خلاخل" كثيرة في الخارج، بينما داخله قروض و"تسول" وأمور أخرى لا يمكن التطرق لها هنا؛ ما جعل معجم اللهجة المحلية يتفاعل ويمنح الحالة مسمى، وهو "الهياط".