مجلة روتانا يقول موقع تابع لوزارة الخارجية الأمريكية، يعد الشاعر الصوفي جلال الدين الرومي الشاعر الأكثر شعبية بين الأمريكيين. السؤال المهم، لماذا الرومي؟. يبدو أن الإسلام لم يقدم نموذجاً يثير إعجاب الغرب مثل الرومي، الغرب الذي فيما يبدو يحب إسلام الدراويش، الذي لا يتزاوج بالسياسة، بل الذي ينفصل عنها تماماً. يحب النماذج الإنسانية التي تصله بالمنبع الذي قدّم هذا الشيء أو الفرد. يبحث عن النماذج الجيدة، التي للأسف يبدو أن الشكل الحالي للإسلام هو نموذج مخيف، حين يقدمنا الإرهاب والتطرف كصورة ذهنية نموذجية إلى العالم. صورة لا يمكن علاجها بسهولة. إنها تتنامى كفيلم مرعب، كمحاولة لقطع رأس من رؤوس وحش «الهايدرا» الأسطوري، الذي كلما قطعنا رأساً نبت مكانه آخر. وربما قد يأخذنا التساؤل إلى فكرة تشكيل الأفكار وصياغتها في ذهنية الشعوب، وكيف يكون لحرب الفكر أدوات أشد وأكثر ضراوة من الحروب العسكرية، حيث لا مدرعات ولا غواصات ولا بوارج حربية. إنه ليس سوى التسلي بصياغة مشاهد المسرح خلف الكواليس. وإن الأمر ليذكرنا بإعلان أمريكا على لسان وزير دفاعها السابق، دونالد رامسفيلد، في 2004، لما سميت «حرب الأفكار»، وذلك عقب أحداث سبتمبر 2011، وليس التسويق سوى جزء منها أو كما يقول رامسفيلد «كسب القلوب والعقول». بيوت الأفكار هذه تعمل من خلال خبرائها ومستشاريها بحرية كاملة لا تمنعها أبداً من انتقاد السياسات والممارسات الحكومية، ولا تكتفي بالنقد والثرثرة، بل تضع على طاولة السياسي براهين موضوعية على عدم صواب الممارسات المنتقدة، وتقدّم بعد ذلك البدائل الصحيحة!. إنها مصانع لتوجيه صُنّاع القرار السياسي والاقتصادي، وتوجيه الرأي العام المحلي والدولي. يلجأ السياسيون لخدمات النخبة من الخبراء والمحللين لمساعدتهم في «التخطيط» و«إدارة المشاكل والتحديات» و«محاربة الفساد» و«دعم الشفافية». هذه المراكز تتمتع بنفوذ واسع عند الحكومات حيث يعتقد أن 60% من أعوان وزراء خارجية أمريكا هم أعضاء في هذه المراكز. من يقرأ كتاب ستيفان بوشيه مؤلف كتاب «مراكز الفكر: أدمغة لحرب الأفكار» يكتشف التسليح المهم لحرب الأفكار من قبل هذه المراكز. وخلافاً للأفكار العسكرية كحرب العراق التي تبناها بوش، من قبل بيت خبرة شهير مثلاً، كانت فكرة تقديم أوباما كأول مرشح من أصول أفريقية هي لبيت فكر ذي ميول يسارية يدعى «Center of American Progress»، الذي يصف أفكاره بأنها «أفكار تقدمية من أجل أمريكا قوية، عادلة وحرة». ولاننسى خطة مارشال «1947» التي كانت فكرة مؤسسة بروكينغز. أما في العالم العربي فتبدو الساحة شبه خالية سوى من نحو 25 مركزاً أكثرها هزيل وبإمكانات متواضعة. العرب الذين لم يولوا اهتماماً بالبحث، انشغلوا غالباً بين دوامة المؤامرة والاستهلاك، وبين الانشغال بالهوامش. فضيلة الجفال @fadilaaljaffal