الاقتصادية - السعودية معطيات كثيرة ترشح مواجهة النصر والهلال اليوم لإثارة لا حدود لها. لا يتعلق الأمر بالمنافسة داخل المستطيل الأخضر ومحاولات الأزرق اللحاق بغريمه الأصفر في الصدارة ولا انفراد الأخير بالمقعد الأول فقط، بل يتعداه إلى مؤثرات انطلقت قبل نهائي دوري أبطال آسيا واستمرت حتى اللحظة. .. أكثر من شهر وجمهور النصر يستولي على المشهد بالكامل، يصنع النكتة التي وصلت إلى حد الشماتة والتجريح أحيانا، ويضع الهلال هدفا لسخريته، مستندا إلى خسارة الأزرق الغريبة في نهائي دوري الأبطال، وما سبقها من تحفيز وما وافقها وتلاها من أحداث، يمكن وصفها أيضا بالغريبة. الهلاليون كلهم، العقلاني في حبه للأزرق والمهووس عشقا به، لا طريق أمامهم لإيقاف هذا السيل المنحدر من النُكت والسخرية إلا بضرب مركز صناعتها وتوزيعها، وتولي دفة الأمور انتظارا لما يستجد من أحداث في مقبل الأيام. في الجهة المقابلة، يأمل "الأصفريون" في الانتصار، والاستمرار، في ترويج بضاعتهم ومنتجاتهم الجديدة التي يرون فيها اقتصاصا عادلا لكل ما حدث إبان سنوات الموت السريري الأصفر. في الميدان، يبحث الطرفان عن الفوز ولا غيره. خارج الملعب، يلعب النصر بفرصتي الفوز والتعادل، إن انتصر فسيضاعف أنصاره من قدرتهم الإنتاجية في بضائعهم التي توزع عبر وسائل الإعلام الجديد، وإن تعادلوا فسيستمرون في معدل الإنتاج الحالي، ولن يجدوا ما يوقفهم حتى مباراة الفريقين في الدور الثاني. كل هذه القصص خارج الملعب، هل لها تأثير حقيقي داخل الملعب؟. الإجابة الواقعية: نعم، فاللاعبون جزء من هذا المجتمع الرياضي، يصل إليهم كل ما يصل إلى المشجعين، بل إن اللاعبين أنفسهم المادة الأساسية لبضاعة المشجعين. كيف يمكن أن تكون ردة فعل اللاعبين في الجانبين على كل ما حدث في الشهر الماضي؟. في المعسكر الأزرق يعرف أفراده جيدا، أن استمرار استحواذ النصراويين على خشبة المسرح بعد الديربي سيزيد من ألم جماهيرهم، ولذلك لا بد أن يجبروهم على النزول، ويصعّدون أنصارهم، وهنا لا بد من نصر أزرق صريح لا تمسه شائبة. الجهة الأخرى، تعي جيدا أن تولي الهلاليون زمام المبادرة، سينتج عنه ما لم يسمعوه أو يعرفوه من قبل، فالنفوس الزرقاء ممتلئة حتى الأنوف بتراكمات شهر كامل من السخرية والشماتة والضحكات الصفراء، ولذلك سيقاتل "الأصفريون" قتال رجل واحد في سبيل بقاء أنصارهم مستحوذين على المشهد في مسرح الإعلام الجديد. أحد الهلاليين البارزين، ممن أوجع النصراويين كثيرا في سنوات البؤس الأصفر، قلت له: ما أنتم فاعلون؟ قال: لا نخشاهم إنهم يخشوننا أكثر. واستمر موجها حديثه لي مباشرة: "لو دخلت إلى الملعب في الدقائق الأولى فقط، لرأيت كيف ترتعد فرائصهم منا". أظنه على حق قبل عامين لكن ليس الآن. النصراوي الحماسي صاحب المستويات المميزة أمام الأزرق خلال العامين الماضيين، سألته: كيف تعد نفسك لمواجهة الهلال؟ قال بعفوية: قبل المباراة، افتح المنشن في حسابي على "تويتر"، مشجعوهم يوجهون لي رسائل مليئة بالسخرية والانتقاص، كلما قرأت أكثر زادت قوتي ورغبتي في الرد عليهم. وتابع: "هم وقودي للفوز عليهم". قلت له: من يفعل ذلك هم النصراويون الآن؟ أجاب: فعلناه شهرا ويفعلونه منذ 15 عاما. العبارة الأخيرة، ستكون كلمة السر في ديربي اليوم، "هم وقودي للفوز عليهم"، من يشعر بها أكثر هذه المرة في المعسكرين؟ الإجابة لا تحتاج إلى تفكير طويل، نعم إنه المنتصر اليوم، في ديربي القصاص.