مكة أون لاين - السعودية هذا الصباح، تذكّرت فجأةً ما حفظتُه عن: «العوني» في ملحمتِه: (الخلوج) إذ كنتُ قبلاً أظّنني الرجل الوحيد الذي أحبّ: «بريدة» حتى أخذت علىَّ مجامعَ شغافي كلّها إذ لم تُبقِ في القلبِ موضعاً يُمكنُ لأي أنثى أن تسكنه، وإذا بي اكتشف - في هذا المعنى- أنّ: «بريدةَ» قصةُ حبٍّ عاصفٍ قد استوطنَ كلّ أهلها، فعاشوهَا أوجاعاً وعافيةً أتراحاً وأفراحاً.. وللذين للتّوِ لم يعرفُوا: «بريدةَ» على نحوٍ من العشق، يُمكنهم الآنَ قراءتها بوصفها ذلك: النص الروائي ذو البِنية الدلالية الواسعةِ والتي تُحيل إلى دلالاتٍ عديدةٍ يصعبُ بالمرّةِ حصرها؛ ذلك أنّ بريدةَ تكتنز الأصواتَ كلّها، وبمزيجٍ مدهشٍ من ألوان الطيف البديع تلاوةً أو حُداء. ولكنها – بأيّ حالٍ - ستبقى تلك المساحة الجغرافية التي تحيل قبل أيّ شيءٍ إلى بنية دلاليةٍ أخرى وأكثرُ سعةً إذ تنتظم فيها مجموعة معانٍ، قد تبدو لقليلِ الخبرةَ، ولوهلةٍ أُولى بأنّها موغلةٌ في التناقض؛ بيد أنّ هذا ليس بصحيحٍ، وذلك أنّها تربط ما بين كلّ المعاني المُتباينة: «ذاكرةٌ» ولاّدة، تجعل من أهلِها محوراً زمانيّاً مع كلّ الآخرين، ولا تفتأ بين حينٍ وآخر أن تصلهم بمساحاتٍ شاسعةٍ من علاقاتٍ للودّ تبدأ ب: «الأنا» ثم لا تلبث أن تمتد لتشملَ الآخرين ومِن كلّ فجٍّ قد أتوها، فتحكي تجربةً المكانُ فيها هو الهاجسُ انتماءً بجبينها الموشّى بحبياتِ رملٍ تزينُ ناصيتَها.. وأيّاً ما كان التعدّد «الصوتي» الذي يشدّ جنوبها إلى شمالها، فإنها في الوقتِ ذاته تنتمي كلّها لماضي المدينة، الذي يكتظُّ هو الآخرُ بفضاءاتٍ رحبةٍ، من شأنها أن تُحرضّك على أن تكونَ كلّ شيءٍ في وقتٍ واحد وأن تكون شيئاً واحداً في كلّ الأوقات.. بريدةُ إذن هي وحدها التي لا تكفّ عبر حضورها أن ترتب غُربتَك بالطريقةِ التي تشعر معها بأنّ الحبَّ الذي يَعمُر داخلك بها، هو مَن يجعل من الغربةِ شيئاً تسمع عنه لا تعيشه. وإنّ أيّ حَفْرٍ في صحاريها يُخرجُ ماءً عذباً يَسقي شفاهاً كلّما تلفّظتْ باسمها اخضرّت.. أوليس هذا هو الحبُ (الجمشي) المورقُ عشقاً؟! قال العوني في قصيدةٍ خصّ بها الشيخ سعدون السعدون: يا راكب اللي من اعقيل تعلّوا أكوار كوم كاملات الكلايف لا باس من جمشة بريدة ترحّلوا أرخوا شكايم مبعدات النكايف