الاقتصادية - السعودية للمملكة دور رئيس في صياغة السياسات الاقتصادية العالمية، فهي مسعرة للطاقة بحكم ضخامة إنتاجها من النفط، وتستهدف استقرار سوقه خالقة توازنا اقتصاديا يكون في مصلحة جميع الدول المصدرة والمستهلكة، وهذه مسؤولية جسيمة ألقتها عضوية "مجموعة العشرين" على عاتقنا. وفي سبيلها تقدم تضحيات كالاحتفاظ بطاقة إنتاجية إضافية كي لا يتأثر سلبيا نمو الاقتصاد العالمي. وكدولة نامية نستطيع أن نستفيد من وجودنا في المجموعة بشكل كبير على قدر ما سنستغله من فرص، خاصة أننا نتمتع بأرضية اقتصادية قوية جاذبة للاستثمارات، لذا تحمل لنا أجندة قمة "العشرين" الحالية في برزبن الأسترالية تسع ملفات مهمة يمكن أن يتحول بعضها إلى فرص مشجعة. منها ملف البنية التحتية للاستثمار حيث حددت أستراليا رؤيتها بالتركيز على تمويل القطاع الخاص. وقبلها تم اجتماع وزراء عمل "المجموعة" في سبتمبر في مدينة ملبورن الأسترالية وناقش سياسات التوظيف لتحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام. وفيه كانت قضية البطالة هي التحدي الأبرز. حاليا نسبة البطالة في الذكور 6.1 في المائة، أما في الإناث فهي ما يقارب الخمسة أضعاف لتصل إلى 33.2 في المائة، ولكننا نستطيع معالجة نسبة بطالة النساء بتوظيفهن في وظائف تحافظ عليهن وتراعي خصوصيتهن. ومنها على سبيل المثال مراكز الاتصال، ومكاتب خدمات العملاء، والمكاتب الخلفية في المنشآت، مع الاحتفاظ بحقهن في التقدم للوظائف المتاحة لهن في سوق العمل. لكن ماذا عن نسبة البطالة في الذكور؟ تبقى الإجابة على هذا لدى القطاع الخاص المتعطش للاستثمارات التي تسهم في إنشاء مشاريع صناعية يفترض أن تنقلنا من دولة نامية إلى دولة صناعية لتعزيز قوة المملكة ونفوذها سياسيا واقتصاديا. منذ تأسيس "مجموعة العشرين" في عام 1999م والإنجازات تنجح في عدد من القضايا كالتعامل مع الأزمات المالية والتصدي لغسل الأموال وتجفيف منابع تمويل الإرهاب. فوفقت المجموعة خاصة المملكة بامتياز في كل ذلك، ما يعطينا أملا عند تناول ملف البطالة بالطرق الأقوم لمعالجته. فما "حافز" مثلا إلا مُسكن سيزول مفعوله مع تفاقم أرقام البطالة. لم تتردد الدولة في دعمها وبنائها وتسهيلاتها خاصة في العقد الأخير سواء على صعيد بنى أساسية أو أنظمة وقوانين أو تسهيلات مالية عبر مصارفها وأهمها البنك الصناعي، بل قامت أيضا بالاستثمار في العقول عبر عدة طرق على رأسها برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي استوعب أكثر من 150 ألف مبتعث ومبتعثة في أكثر من 30 دولة، إضافة إلى الابتعاث الداخلي، وبناء الجامعات والكليات الحكومية والأهلية، لتأهيل الكفاءات، ليكونوا سواعد وطنية محترفة قوية في سوق العمل. فهل كل هذا الجهد والمال والوقت يقتصر فقط على صور لحفلات تخرج أبنائنا وبناتنا؟ وتعليق شهاداتهم العلمية في إطار فخم؟ هم الآن مخزون علمي وفكري تم تأهيله في شتى المجالات من طب وهندسة وإدارة وغيرها، وهذا يستوجب منا أن نقتنص فرصة وجودنا في "العشرين"، وملاءتنا المالية، وفاعلية القطاع الخاص، لبناء اقتصاد بهم يرتكز على الصناعة، وإلّا فسيتحول هذا المخزون إلى مجرد أرقام نقرؤها في ملف البطالة. وهو الأمر الذي لا يتمناه أي مواطن لبلده. إن إيجاد آلية ناضجة فعالة بين الفعاليات الاقتصادية البينية في "مجموعة العشرين" يفترض أن يثمر عن خطط وبرامج قابلة للتنفيذ على أرضية البُنيةِ الصناعية الأساسية لبلادنا. وهذا بالتالي يعطي شعورين. أحدهما (الثقة) والآخر (المصداقية). وكلاهما ضروريان لحياة الاقتصاد الوطني في بيئة رشيدة قوية سواء كان يقتات على الاستثمار الخارجي أو الداخلي الحكومي أو الخاص، أو عليها كلها مجتمعة.