الاقتصادية - السعودية بتاريخ 28/4/1434ه أقر مجلس الشورى مشروع نظام ممارسة أعمال المكاتب العقارية بعد دراسة استمرت مدة ست سنوات، ويتكون مشروع النظام المقترح من اثنتي عشرة مادة تقوم بتنظيم أعمال المكاتب العقارية، التي تقدم خدمات الوساطة في البيع والشراء والتأجير والتقييم للعقارات، وكذلك إدارة الأملاك. ومن المفترض أن يحل هذا النظام محل لائحة تنظيم المكاتب العقارية، التي يعمل بها منذ عام 1398ه، وهي لائحة بسيطة تتكون من عشر مواد، تناسب بساطتها الحقبة الزمنية، التي أقرت فيها. ومنذ إقرار مجلس الشورى للمشروع حتى تاريخه لم ير النور رغم بساطة القانون المقترح وعدم اختلافه الكبير عن اللائحة السابقة. وقد يكون هذا السبب الرئيس في عدم خروجه لحيز الوجود، فسوق العقارات من أضخم أسواق هذا البلد والمبالغ المتداولة فيه بالمليارات، والنزاعات التي بالمحاكم عددها غير محدود، والحقوق قد يتم التنازع فيها بأبسط الأسباب، والنزاعات قد تطول. ورغم ضخامة أعمال الوساطة في العقارات إلا أنه ما زال ينظم بلائحة بسيطة لو تم الاستغناء عنها بما هو وارد بالأعراف لكفت. ولا شك أن أكثر المنادين بسرعة صدور هذا القانون هم أصحاب المكاتب العقارية المحترمة، والذين يعانون الأمرين من الدخلاء على هذه المهنة أو التجارة من عمالة أجنبية مخالفة، أو سعوديين غير مختصين وغير متفرغين لهذا العمل المربح، فأغلبهم يرغب في الربح السريع دون توفر الحد الأدنى من أخلاقيات هذا العمل، ويعاني ذلك أيضا المشترون والبائعون والمستأجرون. ذكرت صحيفة الجزيرة في تقريرها بتاريخ 22/9/1435ه والعدد 15270 أن عدد المكاتب العقارية العاملة في السعودية بلغ 30 ألف مكتب أغلبيتها من المكاتب العشوائية، وتشغل النسبة الأعظم من هذه المكاتب من قبل العمالة الأجنبية، وأغلب هؤلاء الأجانب من مخالفي نظام الإقامة. تقوم دول مثل بريطانيا بتطبيق مبدأ الشفافية لسوق العقارات، فهي تنشر أسعار العقارات والسجل التاريخي لكل عقار، وقيمة الصفقات التي تمت عليه دون عرض أسماء الملاك، وبناء عليه تعرض لك السعر العادل للإيجار، هذا بالإضافة إلى أن مكتب العقار في بريطانيا يقوم بدور فعال في إتمام الصفقة، وليس إيصالك للمشتري فقط. العملية ليست معقدة، كما يتصورها البعض، فهي قيود تسجل في سجلات الجهة المختصة توضح أوصاف العقار وعنوانه وتفاصيل أخرى. وتقوم الحكومة بتوفير بعض هذه المعلومات من خلال وسطاء عقاريين عن طريق الإنترنت مثل موقع www.zoopla.co.uk)، فمسألة توثيق الصفقات العقارية وقيدها من قبل المكاتب العقارية مطلب أساسي، ولا يتم الاكتفاء بإحصائيات وزارة العدل، فهي إحصائيات عامة تظهر لك كمية الصفقات وقيمتها، ولا يعطيك تصورا واضحا عن العقار، الذي ترغب في شرائه، ما يفتح مجالا للتلاعب والمضاربة برفع الأسعار دون رقيب، خاصة مع عدم وجود رسوم أو ضرائب على هذه الصفقات، وبإمكان عدد من أصحاب العقار أن يرفعوا سعر حي كامل بصفقات وهمية لا تكلفهم شيئا، بل تشغل كتابة العدل. وقد يسأل سائل، هل صدور هذا القانون سيكون حلاً لمعضلة العقار في السعودية؟ والإجابة عن هذا السؤال ستكون بالنفي، لكن وجود هذا القانون مع قوانين أخرى لم تصدر سيعزز من شفافية سوق العقار ومصداقية الصفقات التي تتم، فلا يمكن التعذر بأن السوق محكوم بعرض وطلب دون ضوابط تحكم الممارسات غير النظامية، ولنا في سوق الأوراق المالية (الأسهم) مثال على ذلك. لنرجع الآن، ونتحدث عن مشروع القانون المقترح، فهو لا يحتوي الكثير من الإضافات، ولكن أهم هذه الإضافات هي: 1 - قام بتحديد أعمال المكاتب العقارية. 2 - حرص على الربط الآلي للمكاتب العقارية مع الجهات الأمنية المختصة. 3 - حرص على الربط مع الجهة المشرفة في وزارة التجارة والصناعة، من أجل رفع جميع بيانات العمليات. 4 - نظم مسألة صلاحية التقييم للمكاتب المرخصة. 5 - قام بالتعديل على العقوبات لمخالفة هذا القانون. بعض المكاتب العقارية الحالية ومنها ما هو شركات يدعي الاحترافية وجودة الأداء، ويستغل غياب التشريعات وعدم وضوحها، فلا يكتفي المكتب بالعمولة المحددة بالنظام، بل يتجاوز ذلك برسوم أخرى لا يعرف مصدرها، ولم توجد ضمن أعراف هذه المهنة، فهناك من يأخذ رسوما للصيانة من المستأجر، ورسوم إدارة المبنى ويتعذر بوجود عدد من الخدمات مثل الحماية الأمنية وكذلك النظافة اليومية لا تراها ولا تسمع بها، إلا عند توقيع العقد ثم تختفي، هذا بالرغم من ارتفاع قيمة العقار المعروض للاستئجار والتفاوت الشديد في الأسعار مع المباني المجاورة، وهذه الفئة من المكاتب لا يسلم منها صاحب العقار أيضا فقد يؤخذ منه رسوم إدارة ممتلكات تصل قيمتها إلى (10 %) من الإيجار المتحصل رغم أنه غير ضامن للتحصيل. وختاماً، فإن هذا الغياب في تحديث اللائحة الحالية يؤدي إلى أضرار أمنية واقتصادية، وتضخيم للأسعار وتلاعب بسوق العقار، كما هو حاصل الآن، وضياع للموارد المالية في اقتصاد ضخم لا ينقصه سوى التشريع الحديث. وكما ذكرنا سابقاً، رغم بساطة التعديلات وعدم تغطيتها لتفاصيل أعمال المكاتب العقارية، التي قد تذكر في لائحته التنفيذية، فالقانون ينتظر موافقة مجلس الوزراء بعد مراجعته من هيئة الخبراء. وقد طال الانتظار مع عدد من القوانين المرتبطة بالعقار.