مدونة الكاتب ديوانية الدغيلبي الثقافية للشباب، ديوانية أسسها محمد الدغيلبي، الرجل البشوش. ديوانية مغلقة يستضيف فيها الدغيلبي ضيوفاً هم رموز؛ ثقافية، سياسية، اعلامية وادبية، صنعوا لأنفسهم صرحاً ينظر اليه الشباب بإعجاب. يأتون الى الديوانية، يتحدثون عن تجاربهم، يشرحون، يلخصون، يخاطبون، ثم بعد ذلك يُستٓنطقون من قبل الحضور، الذين هم، كما يصرح الدغيلبي: "نخبة الشباب السعودي". الديوانية رائعة، فيها نوع من الحميمية، العدد قليل اذ لا يتعدى ال25 شخص، الضيف هذه المره كان الشاعر والمسرحي علي الهويريني. تابعت علي الهويريني عبر اليوتيوب، وفي عدة لقائات تلفيزيونية، لقاءه على الطبيعة مغاير تماماً، للرجل حضور مميز عندما يتحدث، متواضع بطريقة عجيبة، فيه هدوء من نوع غريب، يثير في النفس فضولاً لطيفاً ومؤدباً. اريد ان انوه انني في البدء، كنت مستاءًا من فكرة ان الديوانية مغلقة، الا انني وجدت نفسي مجبراً على تغيير رأيي بعد الحضور، النقاش مفتوح، ومسموح لكل حاضر ان يطرح ما يشاء من الاسئلة والمواضيع. ولا يستطيع المرء، عندما ينظر الى واقعنا اليوم، الا ان يتوجس من مثل هذا الانفتاح تفادياً لسوء الفهم، فنحن لا نستطيع ان نتحدث بمثل هذه الاريحية في مجلس يجتمع فيه الاقارب، فما بالك بمجموعة من الغرباء. ربما لهذا قرر الدغيلبي ان تكون الديوانية مغلقة، وهذا نتفهمّه. حضر الديوانية جمع رائع من الشباب، وجدت الحماسة التي كنت دائماً اؤمن انها واجبة في الشباب، متجليةً بشكلٍ رائع. استمعوا الى الهويريني بإنصات، واصغوا الى كل كلمةٍ يتفوه بها، وهزوا رؤوسهم طرباً بأبيات تغنى بها الشاعر المتمكن. لا شك ان تصوري للهويريني تغيّر بعد رؤيته، لا ادري ان كنت قادر على وصفه بالمثقف كما يصفه البعض دائماً، تحدثت عن اشكاليتي مع هذا المسمى بإسهاب في تدوينة سابقة، قلت انها مسألة دور لا مسمى. الهويريني رجل شاعري بامتياز، حالم، متفائل، هو رجل مناسب ليكون، وفي مرحلة معينة، قدوة يستحضرها البعض في طريقهم الطويل نحو الاصلاح. ليس الهويريني رجلاً منهجياً، ولا مهتماً بالاوضاع الراهنة، وليس مهتماً بالمشهد الدرامي، الذي هو تخصصه، بل يقول انه هجر الدراما السعودية ويكتفي بذكر اسباب هجرانه، والتي نكاد نحصرها بفقدان الرسالة، وسذاجة المادة. كان من اشد ما لفت انتباهي في الديوانية حماسة احد الشباب، كان "مطوراً للأعمال" كما يقول، للأسف لا يستحضرني اسمه الآن. كان ذا حماسة متألقة، ومزعجة احياناً، وهذا هو المطلوب من حماسة الشباب، ان تزعج وتقلق. تحدث بشغف عن الدراما السعودية، وعن شباب اليوتيوب، وعن النقص الذي يعانونه في الكتاب. بدا لي ان له علاقة بالاخراج، وهذا رائع، اردت ان احدثه، ان اخبره ان الكتاب موجودين وبكثرة، ولكنهم فعلوا كما فعل الهويريني، عندما وجد الساحة مهتمة بالسخافات والمادة، انسحب وتوارى عن الانظار، وهذه ما يفعله الكثير. يجب على المخرجين الذين يعوون اهمية طرح مادة تساهم في اصلاح الشباب، الذين هم قوام المجتمع، ان ينبشوا عن الكتاب والمبدعين، ان يستخرجوهم من مراقدهم من اجل الرسالة. وفي حديثنا عن الكتّاب اود ان اعيد مقولة رائعة للهوريني قالها معقباً على احدى مداخلات الشاب الكثيرة: "اذا كان المجتمع يصنع الكاتب فبئس الكاتب". في نهاية اللقاء وانا خارج، وجدت الهويريني وهذا الشاب جنباً الى جنب يتسامران، كأنهما بهذا يصرحان للدغيلبي بأن الساعات الثلاث لم تكن كافية. ثم جمعنا في النهاية الرجل المضياف، البشوش، محمد الدغيلبي لأخذ صورة جماعية تكون شاهدةً لنا على تلك الليلة النجدية الرائقة، التي امتزجت بغنائية الشعر، وهموم النهضة والتقدم. اتمنى ان تستمر الديوانية وان نستمر، مثل ذاك الشاب، بتلك الحماسة والروح، فهي السبيل وهي الطريق لتنعتق الاماني والاحلام، من الخيال الى الواقع. @A_Mshawa7