الحوار مع "فايز التوش" متعة ومعرفة في آن.. الفنان القطري غانم السليطي العائد للدراما في (متلف الروح) للمخرج أحمد المقلة، وللكوميديا مع (تصانيف)؛ يستحضر في هذا الحوار سيرة فنية اجتازت الثلاثة عقود، ليتحدث عن علاقته مع رفيق دربه عبدالعزيز الجاسم وليحكي مسيرة النضال من أجل المسرح والفن، وحكاية ابتعاده عن المسرح والتمثيل بعد أن حلق "خارج السرب". بل ويروي بحنين تفاصيل قصة (ولادة فايز التوش) أما عن الدراما السعودية فلا يتردد السليطي في أن يصف سلسلة طاش بأنها تاج الفن السعودي، أما عن إمكانية مشاركته في أعمال تلفزيونية سعودية، يجيب معلناً أنه مستعد للمشاركة في السعودية لو طلب لحلقة واحدة..هكذا هو الفنان غانم السليطي.. في بساطته وموقفه وعشقه للفن.. يقول ويفعل ولا يندم على ما فات!. * تعود للتلفزيون بعد انقطاع مع مسلسل جديد للمخرج أحمد المقلة.. حدثني عن هذه التجربة؟ هذا العمل يشكل لي محطة ثانية، في المسيرة الفنية بعد توقف لظروف كثيرة يطول شرحها، لكن أنا محظوظ أن أعود مع أحد كبار المخرجين الخليجيين والعرب، الأستاذ أحمد المقلة وفي نص كتبه الأستاذ مهدي الصايغ في (مسلسل متلف الروح)، وهو نصٌ راقٍ ويسير في اتجاه مهم جدا وهو احترام عقل المشاهد وتقديم دراما تحاكي الواقع، لتنير للمشاهد وتنوره في كثير من القضايا الجادة المقدمة بجو شاعري ورومانسي. لذا أنا محظوظ بهذا العمل، وهو ليس عودة بقدر ما اعتبرها ولادة جديدة لي بعد توقف، والدليل أني كثيرا ما عرض علي أعمال قبل هذا العمل، ولكن كنت اشعر أن بعد اختفاء سنوات يجب أن أعود بعمل يليق؛ وهذا ما توفر في مسلسل (متلف الروح). * وما طبيعة الشخصية التي ستظهر عليها في المسلسل الجديد؟ أقدم شخصية أبو مشاري، وهو رجل ثري، وعلى مستوى الدراما الخليجية، كنا دائما ما نقدم التاجر الثري "الشبعان" اللي عنده خير, بنوع من الجفاء والغلظة والنمطية. أما أبو مشاري فهو يملك حساً إنسانياً، يظهر من خلال علاقته بصديقه الفقير، وهذا الحس الإنساني هو ما أعجبني بالشخصية. * ماذا عن تجربتك الأولى مع المخرج أحمد المقلة؟ كان حلماً من أحلامي أن أعمل مع الأستاذ المقلة.. وتحقق، وهذا كان منذ "15" سنة وأنا كنت أتكلم مع "الأستاذ المقلة في هذا الموضوع، حتى أني عندما وصلت من المطار في أول يوم في "اللوكيشن" قال لي المقلة كلمة "هزتني صراحة" وهي (أخيراً!). أنا بذلت مجهوداً مع الأستاذ المقلة الذي أعتبره العين الفاحصة والدقيقة، وأنا استفدت منه صراحة، وأتمنى أن أكون عند حسن ظنه. * هل لديك أعمال أخرى غير مسلسل (متلف الروح)؟ أجل، هنالك عمل كتبته، اسمه (تصانيف)، 30 حلقة و بعون الله سوف نصوره في الدوحة، نهاية مارس الحالي، من إنتاج تلفزيون قطر. وسيكون عودة لي مع الأخ عبد العزيز الجاسم في هذا العمل، وهو امتداد ل"فايز التوش" ولكن بشكل أكثر تطوراً. * ولكن قيل أن هناك انقطاعاً بينك وبين الجاسم؟ لا.. هنالك اختلاف في وجهات النظر الفنية، ولكن نحن أصدقاء؛ الاختلاف هو أمر وارد، عبد العزيز الجاسم ركز في الخط الاجتماعي وأنا جوي مختلف، أنا ركزت على النقد السياسي والعمل الانتقادي؛ كلٌ يفهم الفن بطريقته. * أنت اتجهت إلى تبني القضايا الكبرى؟ ما حصل حتى على مستوى الأعمال المسرحية، صار هنالك اختلاف في وجهات النظر وهذا شيء وارد. وهذا الاختلاف أثرى الحياة الفنية، فقدم عبدالعزيز أعمالا جيدة وناجحة ونحن كذلك قدمنا. * فيما يخص المسرح خليجياً، خرجت عن السائد، عندما قدمت أعمالا مثل (هلو غلف، أمجاد يا عرب، عنبر و11سبتمبر)، والتي كانت تتبنى قضايا وتحمل جرعات سياسية واضحة؛ ماذا جنيت بعد أن حلقت خارج السرب؟ "قعدت في البيت"، لن أجيبك بأكثر من أني "قعدت في البيت!". * حسناً، ولكن هل ستستمر على هذا الأسلوب الفني؟ طبعاً، لأني مؤمن بأن لا خير في فن لا يهز، إذا الفن لا يهز ولا يقدم صرخة ولا يقدم جانباً تحريضياً وتطويرياً وتثويرياً، أنا أضعه تحت قدمي وأمضي، أقولها صراحة، أنا مؤمن إيماناً تاماً بأن الفن في خدمة الناس، فهو أولاً رسالة ومن ثم متعة. * إذن، أنت مع "تسييس الفن"؟ لا يمكن أن لا تكون سياسياً في الفن، حتى عندما تقدم عملاً هابطاً مسفاً كما يحدث الآن، فإن هذا سياسة، أجل إنها سياسة تقديم الأعمال الهابطة التي بها الدموع والقصص الغريبة والبعيدة عن المجتمع والفضائحية.. هذه سياسة وهذا ما يريده البعض، إنهم يريدون تسخيف المشاهد والفن.. وهذه سياسة!. * صحيحٌ أن هنالك أعمالا درامية شاركت بها وأوقفت؟ ليست المسألة إيقافا، وإنما لم يعد أحدٌ يطلب مني شيئاً أصلاً (يضحك ساخراً). * كيف؟ أتذكر أني قدمت عملاً لجهة من الجهات فاعتذرت أنها لا تنوي أن تنتج دراما لهذا العام، وأخرى أتذكر كان مع مسلسل "التوش منكم لكم" على أبوظبي، كنت قدمته لتلفزيون قطر، وانتظرت "8" أشهر ولم يرد أحدٌ علي، ومن ثم طلبته مني أبوظبي وأخذته لهم، وبعدها لم أشتغل أي شيء لفترة طويلة. * هل ثمة شيء مدبر في الموضوع؟! هنالك شيء وهنالك أشياء ولكن للأسف لا ترى بالعين، ولكن تقدر أن تحسها. وفي الأخير (لا يصح إلا الصحيح) ولله الحمد، والآن مع التغييرات التي حدثت في قطر مع مؤسسة الإعلام، والاتجاه إلى خصخصة الفن وغيره، بدأ الاتصال وبدأنا ندخل ضمن المنافسة. ولكن أنا سعيد جداً أقولها بصراحة، بأني لم أتنازل يوماً من الأيام، لذا عندما أجلس في البيت أكون سعيداً، لأني لست من النوع الذي يقول: الناس تنساني. يا أخي من أنا كي تتذكرني الناس، دع الناس تنساني، لأنها في النهاية تريد عملي، وأنا لن "أرز ويهي" على الناس بعمل تافه، وساقط، وهذه جريمة؛ لذا إذا عندي عمل جميل، سوف أظهره، إذا سمحوا وإذا ما عندي سوف أذهب إلى البيت وأعمل، وليس عندي مشكلة. * من خلال تجربتك الكوميدية المديدة، كيف تقرأ تجربة "طاش" في الدراما السعودية؟ بداية ومن خلال جريدة الرياض أريد أن أخبرك بأمر، أني ذات يوم، كنت أبحث عن آخر أخبار الصديقين (ناصر وعبدالله)، في الإنترنت، ففوجئت بخبر عنوانه (غانم السليطي) ينتقد ويشتم طاش ما طاش. أنا ذهلت، وطلبت من أبنائي أن يعرفوا المصدر، فاتضح أنه من أحد المنتديات وليس من الصحف، لذا أقول للأصابع التي طبعت على النت هذا السم، الله يسامحكم. هذا حدث من خمس سنوات والتقيت بناصر وعبدالله وأخذا يضحكان. لأن أياً كان ممكناً أن ينتقد "طاش"، ولكن ليس أنا، لأن "طاش" على مستوى الأسلوب والهدف هو نفس أسلوبي وهدفي وهو من نفس الطبيعة الفنية. * تقصد كوميديا النقد الاجتماعي؟ بالطبع، لأن "طاش" لم يعد مسلسلاً، طاش تاريخ.. طاش بناء.. طاش تاج الفن السعودي طوال سنوات مضت، وأنا أتمنى لهما التوفيق. وبالعكس أنا من الناس الذين ينادون بتكريم هذين الاثنين الذين حفروا في الجبل، ليس بسيطاً ما عمله ناصر وعبدالله والفريق الذي كان ولا يزال معهما. هؤلاء حملوا الفن السعودي على طبق من السعادة الضحك والأفكار إلى كل الوطن العربي، فقد صار لهم جمهور، كيف يأتي أحد ويشتم هذه الطبخة الرائعة، والحقيقة أنا "طول عمري" معجب بالعمل، بل بالعكس، أنا اقترحت على عبدالله السدحان وقلت له أنا مستعد أن أكتب لكم ثلاثين حلقة، فقال لي نحن نقدم كل سنة 20 ولم يعد هذا أسلوبنا، ممكن تكتب لنا "5" حلقات، فانا أكملت "20" ب"10" حلقات أخرى، وسوف تشاهدها على تلفزيون قطر، تحت مسمى (تصانيف) الذي قلت لك عنه. وجزاه الله خيراً أنه لم يأخذ الحلقات لأني "سويتهم مسلسل" (يضحك). * هل سيكون "تصانيف" امتداداً لخط "فايز التوش"؟ طبعاً، وسيكون أسخن، لأن ثمة متغيرات جديدة في العمل، هنالك الذين يطبلون باسم حقوق الإنسان والديمقراطية والمرأة والبورصة..الخ، وفي هذا الزمن المفتوح، لا يجوز أن تقدم فناً مغلقاً، يجب أن تنفتح مع هذا الجو العام، السياسة أصبحت خبزاً يومياً. العمل سوف يكون (سلسلة) كل يوم حلقة، وإذا نجح انشاء الله سوف يكون هنالك جزء ثان وأنا الآن أكتب فيه، وبلغت الحلقة "26" ولكن لن أخرجه إلا إذا نجح الجزء الأول والذي سوف يصور بداية إبريل. * أين أنت عن الدراما السعودية، لم نر "السليطي" حتى الآن في المسلسلات السعودية؟ ماذا أقول لك (يصمت). * هل عرض عليك؟ أجل، مرة، أو مرتين، ولكنها أعمال لم أقتنع بها بصراحة لأنها كانت أعمالا ضعيفة جداً. * وإذا عرض عليك الآن عمل جيد؟ غبيٌ من يرفض نصا جيدا، ولكن أنا لم أعمل ولم يحدث أن عملت، أتذكر أنه عرض علي عمل إعلاني إعلامي، ولم يكن فيه فن، ولكن أنا مستعد للمشاركة في أي عمل للجمهور السعودي ولو كنت ضيفاً، أنا عملت في الإمارات مسلسل (الدريشة) 11 مشهد، لأن التعاون جميل وهؤلاء "ربعنا، وأنا إذا طُلبت لحلقة واحدة في السعودية مستعد أن آتي، مثلاً: كطاش وهو عمل مشرف. * نعود لتجربتك، لا يمكن أن نذكر غانم السليطي، دون أن نستحضر "فايز التوش"، أنت ماذا تتذكر من هذه الشخصية؟ أتذكر أشياء كثيرة، ولكن أكثر شيء يطاردني ويؤلمني، الحسرة (تغيرت نبرة صوته حزناً)، أنا "متحسر عليه"، (يصمت والعبرة في عينه المتلألئة)، ماذا أقول لك، أنا رأيتهم وهم يدفنونه وهم يقبرونه، لذا أنا طبعاً متحسر عليه، لكن مهما كان أنا لا يمكن أن أخرج من أسلوبية فايز التوش.. أعمالي المسرحية كلها كانت "توشية" أنا لا أستطيع الخروج من هذا الجو، لأن فايز التوش هو نتاج فهم للعمل الفني، بعد الدراسة في المعهد (القاهرة) والعودة عام 1979، وأتذكر عندما رجعت ونظرت للأعمال الفنية وجدتها من النوع الثقيل البعيد عن هموم الناس، فعندما تكون مؤمناً بأن تقدم شيئا يهم الناس، لن تقدم أعمالاً تهم "كم مسؤول" المسؤول سوف يذهب وينتهي، وما يبقى هو العمل الفني الذي قلناه وهذا أهم درس. * لذلك الفن عندك قضية بالدرجة الأولى؟ طبعاً، 100% وأنا لست مستعداً في أن أقضي وقتي في شيء تافه، أنا الذي أكلمك الآن، أجريت "8" عمليات في ظهري كي أعود وأعمل، وبفضل الله أنا الآن أعمل، "مركب ثمانية مسامير في ظهري"، حباً في العمل الفني والله كريم، منحني الإصرار.. كي أقدم عملاً فنياً، أنا لا أعمل من أجل "الفلوس" وإنما لأني "حاب اللعبة" وهي في دمي" ولا أقدر على تركها. * حالة عشق إذن؟ لا، إنها وجود، واللاعب صعبٌ أن يعيش في دكة الاحتياط، المدرجات تذبحه، والفنان أخطر من اللاعب، لأن الفنان يلعب بكل شيء، من رأسه إلى أخمص قدميه وإحساسه. * حدثني عن حكاية البداية مع "فايز التوش"؟ بدأ الجزء الأول من "فايز التوش" عام 1984 ولكن سبقه عمل "حكايات أبو علي" عام 1983، ولهذا العمل حكاية، فقد جاء بديلاً لبرنامج مسابقات رمضانية فشل وأوقف يوم 10 رمضان وكانت عبارة عن محل فيديو يلصق أفلاما، ويقول للناس سؤالا، من ثم أوقفه المسؤولون فكلفوني أنا مع الأخ حمد الرميحي بأن يكتب هو وأنا أمثل من يوم 11 رمضان، ووقتها كنت أجسد في المسرح شخصية أبوعلي وقد نجحت عند الناس بشكل غير عادي، فجلسنا أنا والصديق حمد وقررنا أن نستحضر شخصية أبو علي وأن نأتي بها إلى التلفزيون، من خلال أن يأتي ويشتري محل الفيديو، وجاء وقلب البرنامج إلى حكايات اجتماعية وقضية، وأتذكر أول حلقة عن مشكلة "تكافؤ النسب" عن شاب يريد الزواج ولكن هو من عائلة ليس لها أصل. هكذا دخلنا في عمق التركيبة الاجتماعية. وفي العام الذي تلاه، طورنا شخصية أبو علي، وأحضرنا "فايز التوش". * كيف ولدت الفكرة ومن أين جاء مسمى "فايز التوش"؟ نحن في حكايات أبو علي، كنا نقدم شخصيات، فبعض المسؤولين والقائمين على المجتمع ترد أسماء شبيهة بأسمائهم، فيقولون تقصدون الوزير الفلاني. ونحن لم نقصد أحداً، في العام الذي يليه فكرنا، بأن نأتي باسم ليس منتشراً في الخليج، هكذا وصلنا لفايز، ولكن ماذا عن اسم العائلة، أنا في مسلسل قبل 1984 أسميت شخصية باسم سعيد الحاسوم نسبة لسمكة الحاسوم، ولكن مع ذلك لم أسلم، عندما زرت البحرين، أمسكني أحدهم وقال، كيف "تتطنز علينا" نحن من بيت الحاسوم!. من هنا تذكرنا لعبة "التيلة" الأول والتي نقول فيها، أنا الأول أو أنا "التوش" والتي تعني الأخير، فصارت فايز (الأول) والتوش (الأخير). وهكذا تفلسفنا على أنفسنا، وجئنا بفكرة وأعطيناها اسماً لفائز في أفكاره، وأخيرا في وضعه الاجتماعي. ومع ذلك كان لي صديق فلسطيني في "الفريج" يقول "مشكلتني" أنا كلما أخرج صاروا ينادونني "التوش" (ويضحك غانم). * نعرف أنك درست التمثيل في مصر، ولكن قبل ذلك، كيف تلمست موهبة التمثيل ومتى؟ في عام 1971 كتبتُ مسرحية (بيت الأشباح) ومثلت فيها ولكن قبل ذلك، كنت أريد جهة تقدمها، ولم أجد، ففكرت أن "ألف" على الأندية الرياضة ونكوّن في إحداها فرقة مسرحية، وتم رفضنا من أكثر من نادٍ والوحيد الذي قبلنا هو نادي السد القطري وكان رئيس النادي وقتها الأستاذ عبدالله بن حمد العطية الذي هو الآن نائب رئيس الوزراء وهو صديق وقد تبنانا كلنا، عطونا الملعب وقالوا مثلوا هنا ونحن نريد مسرحاً. وفي نفس الأيام كان يزور قطر الملاكم (محمد علي كلاي) وأنا ذهبت لأستاد الدوحة لمشاهدة الملاكمة، وبعد نهاية المباراة وقعت عيني على "الاستيج" فقلت لماذا لا أنقل هذا "الاستيج" إلى ملعب نادي السد، وأخذناها ونقلناها وعرضنا المسرحية وكان أول عرض مسرحي يحضره وزير الإعلام عيسى الكواري. كان أرضية الملعب "فل" والنساء من أسطح البيوت يطلون. * كم كان عمرك؟ كنتُ بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة، وكنت وضعت شارباً مصنوعاً من "فلين البيبسي" بعد أن نحرقه وثم طلبني وزير الإعلام، وعندما ذهبت إليه، دعاني لكي أذهب لدراسة الفنون المسرحية، فقلت له أنا في الأول ثانوي. وبعد أن أنهيت الثانوية، أعطاني كتاباً للتربية كي أدرس الفن في أي بلد أختار، بداية اخترت الكويت ثم تركتها بعد ثلاث شهور غيرت البعثة إلى القاهرة، عام 1975. بسبب أن المعهد الكويتي كان حديثاً والكتب لم تكن متوفرة، فقابلت الأستاذ عيسى الكواري مرة أخرى فأمر بأن أذهب إلى مصر. * وماذا عن الطفولة؟ يبتسم، عندما كنت صغيراً كنت أقلد كل من يأتي بيتنا، واشتهرت في "الفريج"، كانت النسوة عندما يجلسن مع أمي يطلبن منها قائلات: أحضري ابنك. فتطلب النساء أن أقلد على هذه أو تلك "فاطمة أشلون تتكلم" و"سوي لنا عايشة اشلون تمشي أو تتكلم" وطبعا هناك من يزعل أو يطردني. وأذكر أن كان هناك امرأة لا تأتي بيتنا، وكنت مع جدتي فقالت لها ونحن نمشي في الشارع، لم لا تأتين عندنا ولا تزورينا، فأجابت المرأة: كيف آتي بيتكم وأزوركم "وهذا القرد في بيتكم" (ينفجر من الضحك). أتذكر كنت أعمل لحية من شعر غنم البيت وأرتدي لباس مسنين وأذهب لمجالس الشياب عندنا في "الفريج" وأتحدث معهم وهم لا يعرفونني. وهكذا اشتهرت ونقلوها أصدقائي للمدرسين حيث بدأت أقدم مسرحيات مدرسية وهكذا. * قدمت قبل مدة العمل الكوميدي (عمى ألوان) وقد لاقى صدى باهراً، متى تعود لمثل هذا الجو من "الكاركتر" والحكاية المتصلة؟. لهذا العمل قصة وهو في الإمارات من تأليف الكاتب الرائع الأستاذ جمال سالم، وهذا العمل في الأساس لم يكن مكتوباً لي، وإنما كتب كتكريم لفنان الإمارات المرحوم سلطان الشاعر، تعرف أنه كان أعمى، لذلك تجد أنه الحلقة الأولى كتب لأعمى، وهم قد بدؤوا التصوير بالمشاهد التي هو ليس فيها، وكلما طلبوا من المرحوم الشاعر أن يأتي كان يعتذر، حتى في الأخير لم يستطع بسبب السن، وصعب جداً، لأنه أعمى حقيقي، كيف له أن يمثل (رحمه الله) فاتصلوا بي أنا كي ألعب الشخصية، أنا رحت لهم كانوا في الفندق ويعملون وهكذا دخلت في العمل. * هل هناك عودة لمثل هذا العمل؟. أنا قلت للكاتب جمال سالم، أن يكتب جزءاً آخر من (عمى ألوان)، وهو لم يكتبه، ولكن أنا قلت له، أنني سوف أعمل هذه الشخصية في عمل آخر بعد إذنك. * كلمة أخيرة؟ تحية ووردة لجريدة الرياض ولقرائها الكرام. مع الزميل علي سعيد نجما طاش عبدالله السدحان وناصر القصبي