مكة أون لاين - السعودية هناك حلقة مفقودة في حادثة الاشتباك بين أعضاء الهيئة والرجل البريطاني وزوجته السعودية، فيما تم تناقله عنها من روايات. فالروايات المعلنة عنها في الصحف وغيرها تبدأ من متابعة رجال الهيئة للرجل والمرأة في المجمع التجاري واعتراضهم على اختيارهما مسار الكاشيرة؛ لأنهم يرون أن هذا المسار خاص بالنساء، وأجابهم إن "معي زوجتي" ولم تعترض الكاشيرة بل قالت لرجال الهيئة "هم عائلة". وحين خرج من المجمع حدث الاشتباك معه. وهذا التسلسل لا يبرِّر المناقشة له فضلاً عن الاعتداء عليه وضربه، ومن هنا يأتي سؤال الحلقة المفقودة في هذه الحادثة التي تجيب عن سر ملاحقة الهيئة له مع زوجته! إن الحلقة المفقودة هي مبتدأ الاشتباه من قبل رجال الهيئة في الرجل والمرأة، وهذا الاشتباه هو ما يؤسس قاعدة العمل الرقابي لرجال الهيئة على الأسواق؛ تلك القاعدة التي تحمل مجموعة معايير اتهامية يتقدمها سوء الظن؛ فكل رجل يصطحب امرأة عرضة للتحقق من السبب الذي جمع بينهما. وبالطبع فإن هناك قرائن تُسْقط المساءلة مثل أن يكون معهما أطفال، وقرائن ترفع وتيرة الاتهام، مثل أن يكونا في مقتبل العمر، والحفاوة والاحترام بينهما، أو تبادلهما الابتسام، وجلوسهما في مقهى أو مطعم... هذا غير تعرضهما لوشاية ما. لم يقترف الرجل البريطاني وزوجته ما يستوجب الالتفات لهما، إلا ما حمله رجال الهيئة عنهما من شك ينسجم مع معايير الاتهام الفضفاضة التي تسيء الظن وتتجسس وتأخذ بالشبهة بدعوى الحماية للأخلاق والذود عن الفضيلة. وما دام الأمر كذلك فإن كل رجل وكل امرأة أمام الهيئة عرضة للاشتباه والمساءلة حتى يثبت العكس، على الرغم من أن البراءة وسلامة النية وصيانة العرض والشرف واحترام الحرية هي الأصل وهي أمور مبدئية لا تقبل التهاون، وإيقاف بريء لمساءلته أو التحقق من ضميره ونيته هو طعن في عرضه وشرفه وتعد على حريته، بما لا ينجبر كسره إلى الأبد! بعد أن دفع الرجل وزوجته حساب مقاضيهما، بدأ الفصل الأكثر عنفاً وفوضوية تجاههما. والمقطع المصور وحده، يرينا أن الرجل تعرض لضرب من أحد الملتحين وأُسقط أرضاً وهبت زوجته للدفاع عنه. وكان المشهد مثيراً للمشاعر باحتشاد الناس وقيام بعضهم بفك الاشتباك. أما حين وصف الرجل البريطاني حاله وزوجته بعد أن تمكن من الوقوف ودخلا سيارتهما وأغلقا الأبواب: "كنا قلقين جداً على سلامتنا" فإنه يجسد إحساساً فعلياً بالفوضى والعنف، ورجال الهيئة يضربون على الزجاج ويطلبون منه الخروج! حين نقول إن الهيئة مؤسسة حكومية، فكيف نفهم عدم تعريف مهمتها وتحديدها؟! كيف تتحرر مهمتها من تكرار غيرها من مؤسسات الدولة ومن نقضها؟! لماذا لا تتقيد الهيئة بضوابط إجرائية تمنع رجالها من ارتجال إجراءات غير مدروسة؟! وكيف نؤسس بالقسر والعدوان وسوء الظن لمقاصد الأخلاق والدين التي أوكلها الله إلى القلوب والضمائر؟! إن إصلاح جهاز الهيئة لا بد أن ينطلق من تعريف المهمة وتحديدها بضوابط وإجراءات، بحيث لا تغدو مهمة رجل الهيئة تشريعية وأمنية وقضائية وتنفيذية.. في وقت واحد!