مكة أون لاين - السعودية إذا وُجد المفكر بلا مشاريع كبرى في المجتمع فلا قيمة للمسميات هنا، ويتساوى صاحب الفكر الرفيع مع العاديين من العامة. في مجتمعنا في مجمل قضايانا لا وجود للمفكر صاحب المشاريع التي تخدم الحراك المجتمعي. هؤلاء الذين عادوا من البعثات معظمهم في الجامعات ومراكز البحوث ومؤسسات الدولة العليا، كثيرون من المثقفين فقدوا قناعاتهم في معظمهم بسبب غياب القضايا والمشاريع الثقافية والفكرية والمؤسسية التي تخدم حراك وتطوير الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. قد أكون محسوبا على هذه الشريحة -عفوا وإن كنت أقل من ذلك بكثير- وأدرك تماما أننا لم نسهم في تطوير أداء المؤسسات الخدمية، ولا كيف تعمل في المجتمع. وأعرف أننا لم نسهم حتى في تطوير النظم التعليمية وأساليب عملها وأهدافها وكيف تكون مخرجاتها فاعلة في المجتمع. يأتي في ذهني الدكتور غازي القصيبي ومشروع سابك الأنجح في البلد حتى اليوم. قد يقول قائل إن الدكتور كان محظوظا بوجوده قريبا من السلطة السياسية ويحمل حقائب وزارية، ولعل الرد هو: كم حامل حقيبة وزارية قدم للبلد معالجات لهموم وقضايا مجتمعية حقيقية ووضع تصورات يمكن أن تكون منتجة للبلد؟ لا أعرف كم هو عدد من ابتعثوا وعادوا بمؤهلات عليا منذ فترة الدكتور الخويطر وحتى اليوم في البلد، وماذا قدموا للبلد من مشاريع توازي ما قام به الدكتور القصيبي رحمة الله عليه. بلا شك أنه أمر محزن ألا يكون لدى فئة من هؤلاء مشاريع في تخصصاتهم أو في أعمال مؤسسية ترتقي بأداء الصحة أو البلديات أو الخدمات العامة بشكل يوازي على الأقل ليس اختصاصاتهم ولكن يماثل الوعي والمهارات والمنتجات في البلدان التي تلقوا فيها علومهم لعشرات السنين..ليست المسألة في الوصول للسلطة وإنما في جذب انتباه السلطة لمخرجات فكرية أو مشاريع حقيقية يمكن تبنيها بعد دراستها من قبل مختصين في نفس المجال..أعرف أن الأعذار كثيرة ولكنها محبطة لتوقعات الشريحة الشعبية وللحكومة.. ليست المسألة وساطات وليست علاقات، إنما قدرات على الإبهار وإحداث الدهشة التي لا يستطيع أحد أن يقف في طريقها.. فعلا أحبطت توقعات المجتمع كله، ومعظم الرأي العام يؤمن بأن لا مشاريع كبرى لدى هؤلاء الكبار، ولا أعلم متى يحدث ذلك، ولله الأمر من قبل ومن بعد.