الرياض - السعودية عندما أشرت في المقال السابق إلى ضرورة مراجعة قرارات وزارة العمل المتعلقة بالقطاع الخاص فقد كان الأساس الذي انطلقت منه يقوم على عدة ركائز. وفي هذه السطور سوف أحاول تسليط الضوء على تلك المنعطفات التي اعتمدت عليها. فهذا قد يشفع لي عند زملائي القراء الذين تفضلوا بتعليقاتهم بإتمام ما لم تتحه لي سطور المقال السابقة المعدودة. وأول المنطلقات التي بنيت عليها وجهة نظري هي أن اقتصادنا في الاساس هو اقتصاد ريعي أساسه عائدات النفط. وهذا أمر جوهري لا بد أن نأخذه بعين الاعتبار. فلو رجعنا إلى ميزانيتنا السنوية فسوف نلاحظ أن أهم المصادر التي تعتمد عليها هي عائدات النفط وليس الضرائب. فنحن ليس اقتصادا ضريبيا كما هو الحال في البلدان الصناعية. ولن اناقش هنا تشعبات هذا الموضوع وسلبياته. ولكن بخصوص الموضوع الذي نتحدث عنه هو أمر إيجابي. فهذا الدعم الحكومي للقطاع الخاص هو الذي أدى إلى ارتفاع مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 13% عام 1995 إلى 35% عام 2012. كذلك فإننا لا يمكن مقارنة القطاع الخاص في المملكة في الوقت الراهن مع قطاعات الأعمال في البلدان الصناعية. فالفاصل الزمني بيننا وبينهم ربما يصل إلى 100 عام أو أكثر. فنحن لدينا قطاع خاص لتوه يقف على قدميه. وقد لاحظنا أن العالم الصناعي من أجل توفير المواد الخام واليد العاملة الرخيصة والأسواق لمصانعه الناشئة لم يتوان عن استعمار قارات بكاملها. بل ان الولاياتالمتحدة قد اخترعت تجارة الرقيق لتوفير اليد العاملة الرخيصة لشركاتها حديثة التكوين. اننا إذاً في حاجة لدراسة سياسة الدعم التي قدمها القطاع الحكومي لقطاع الأعمال في أوروبا على اختلاف مراحل نشأته ابتداء من القرن الثامن عشر عندما بدأت الورش الصغيرة تتحول إلى معامل وفيما بعد إلى مصانع إلى أن بلغت مرحلة المجامعات الاحتكارية الضخمة. فذلك من شأنه أن يوضح أشكال الدعم الذي حصل عليه أصحاب الأعمال في كل مرحلة من تلك المراحل. بل أن هذا الدعم لم ينته حتى بعد أن وصلت الشركات في أوروبا وأمريكا إلى ما وصلت إليه الآن. فهذه الحروب وشظايا اللهب التي تتطاير من حولنا لو بحثنا عن جذور مسبباتها الاساسية فلربما نعثر على رابط ما يقودنا إلى مصالح الشركات في الدول الكبرى. فالقلاقل التي نسمع عنها في عالم اليوم والاضطرابات التي تنقل وقائعها لنا شاشات التلفزيون قد لا تكون بعيدة عن محاولة الحكومات في البلدان الصناعية لخلق الظروف المناسبة لعمل شركاتها في العالم. فإذا كانت هذه المنطلقات صحيحة فإن ذلك معناه أن قطاع أعمالنا حديث النشأة لا يزال يحتاج إلى اليد العاملة الرخيصة وإلى كافة التسهيلات الائتمانية وإلى الدعم الحكومي له من أجل الوصول إلى أسواق العالم. واعتقد أن خطة التنمية العاشرة يفترض أن تضع الآليات المناسبة لدعم تحول شركاتنا وتطورها وذلك على غرار سياسة الشيبول Chaebol التي انتهجتها كوريا الجنوبية وأدت إلى ظهور شركات مثل هيونداي أو ال جي.