المدينة - السعودية أسوأ ما يمكن أن يقترفه الناس هو الظلم، ولهذا غلظ الخطاب القرآني الكريم في تحذيرهم من الوقوع فيه، قال جل وعلا: (... ألا لعنة الله على الظالمين). وجاء في الحديث الشريف: "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة"، وفي حديث قدسي جاء قوله عز وجل: "يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا". وفي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم: "... المسلم أخو المسلم لا يظلمه...". لكن الظالم في الحقيقة لا يظلم إلاّ نفسه، بتحميلها تبعات الظلم وتوعدها بالعذاب الأليم، قال تعالى: (إن الله لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون).. فكيف يظلمون أنفسهم، عذاب الظالم في الدنيا ينغص عليه حياته، ويجعله يعيش كوابيس مزعجة، يقضي أيامه مطاردًا بأشباح المظلومين، وحين يخلد للنوم يضج الليل بدعاء المظلومين عليه. لا تظلمنَّ إذا مَا كنتَ مقتدرًا إنّ الظلومَ على حدٍّ من النقمِ تنامُ عيناكَ والمظلومُ منتبهٌ يدعُو عليكَ وعينُ اللهِ لم تنمِ ودعاء المظلوم ليس بينه وبين الله حجاب، تفتح له أبواب السموات، دعوته منصورة بالقَسم الربّاني العظيم "وعزّتي وجلالي لأنصرنّك ولو بعد حين". أشد من إصابة العين، وأشنع من وقوع السحر، سقوط الظالم في دوامة الظلم، وأتون عذاب الضمير، ووخز النفس اللوامة، حتى تصبح كل الأحداث السيئة في حياته صوتًا للوسواس، وصدى للتخبط، وكثيرًا ما يُكابر الظالم ويصد عن المرايا الداخلية التي تعكس ملامحه، وعليها سيما العدوان والجور، فيمعن في تخيّل أن عينًا -لم تصلِّ على النبيّ عليه الصلاة والسلام- أصابته، أو أن شريرًا سحره. وكثيرًا ما يستفحل الوسواس منغصًا عليه متع الحياة، كعقاب جزئي ومنبه رباني لسوء ما اقترف، فلعله يتفكر ويندم ويطلب من المظلوم الصفح، وهو سلطان وضعه الله للمظلوم صاحب النفوذ الرباني بالدعاء المستجاب، واشتراط عفوه عن الظالم لمنحه المغفرة، فالتوبة لا تجب الظلم، والله -سبحانه- يعفو عن تقصير الخلق بحقه، لكنه لا يغفر تجاوزاتهم على خلقه. @511_QaharYazeed [email protected]