الظلم وما أدراك ما الظلم , خلق ذميم ، وذنب جسيم ، وأذى عظيم ، ووصف لئيم ، يحلق الدين ، ويأكل الحسنات ، ويجلب الويلات والنكبات ،ويورث البغضاء والمشاحنات ، ويسبب الأحقاد والعداوات.أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : قال الله تبارك وتعالى : (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرماً ؛ فلا تظالموا ... ) ويقول الله سبحانه وتعالى (وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيد ) ويقول : ( وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) ويقول: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ) (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّة ).يقول سفيان الثوري - رحمه الله - : « إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنباً فيما بينك وبين الله تعالى ؛ أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد » ويقول الشافعي رحمه الله: (بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد).الظلم مرتعه وخيم ، وشؤمه جسيم ، وقد توعّد الله سبحانه وتعالى أهله بالنكال والعذاب الأليم فقال : "وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً".وبيَّن سبحانه وتعالى أن الظالم محروم من الفلاح في الدنيا والآخرة ،ومصروف عن الهداية في دينه ودنياه ، فقال : "إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"وقال : "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ" وهدد الله جل جلاله الظالمين بسوء العاقبة وشؤم المنقلب فقال: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ"يقول النبي صلى الله عليه وسلم "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة".الظلم ما شاع في أمة إلا أهلكها ولا انتشر في بلدة إلا خربها ولا حل في قرية إلا دمرها قال تعالى (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا) . عباد الله: لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يظلم عباد الله ، أويؤذيهم أويضرهم ، أو يتجنى عليهم ، أويعتدي على مصالحهم ، أو يمنعهم حقوقهم أو يبخسهم أشيائهم أو يقصر عليهم فيما يجب عليه تجاههم فالخلق خلق الله وكلنا عبيد الله .فلماذا كثرت المظالم بين الناس وامتلأت المحاكم بالقضايا والخصومات وبغى الناس بعضهم على بعض فالمسئول يظلم السائلين ويبخسهم أشيائهم والمدير يظلم الموظفين والأب يظلم أبنائه ولا يعدل بينهم والزوج يظلم زوجته ويهدر حقوقها والزوجة تظلم زوجها ولا توفيه حقه يقول الله سبحانه وتعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم"ويقول "فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِه". عباد الله لقد بلغ السيل زُباه، والكيدُ مداه، والظلم منتهاه، ولكن الظلم لا يدوم ولا يطول، وسرعان ما ينتهي ويزول، وسيعلم الظالمون عاقبة الغرور فالزمان عليهم سيدور يقول الله سبحانه وتعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنَّ اللهَ لِيُملِي للظَّالِمِ حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ". لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعينُ الله لم تنمِ يقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن(واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب) و يقول صلى الله عليه وسلم " دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبوابَ السماء، ويقول لها الرب: وعزَّتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعدَ حين". يقول ابنُ القيّم رحمه الله: "أصلُ كلِّ خيرٍ هو العلم والعَدل، وأصلُ كلِّ شرٍّ هو الظلم والجهل والظالم من أحرى الناس بلعنة الله تعالى وناره وغضبه، يقول الله سبحانه وتعالى: "يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ". والظالمُ لا يحبه الله، ولا يهديه، ولا يغفرُ له، إلا إذا شاء ربنا تبارك وتعالى، وما أكثرَ ما تجدُ في القرآن الكريم (وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ) "وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً".