العربية - السعودية (1) كان سؤالاً قصيرا، حشرته وسط حديثي معه، - كمن يقاطع رجلاً يروي قصة في مجلس مكتظ بالمنصتين -، لكن الإجابة على السؤال القصير، استغرقت الوقت كله! (2) سألته، وأنا أشاهد "ابنه الصغير" سعود السدحان، يلعب كرة القدم (وكأنه يرقص في حفلة)، لفرط فرحه ونشوته، وقدرته على التنقل (هو و كُرته) بين الأقدام والأجساد، كهواء بارد، مواجهته تصيب بالزكام، وتضرب الرأس والقلب بالحُمىَّ والسهر: "لماذا لا تسجل هذا البارع الصغير في النادي الكبير الذي تشجعه؟!".. ابتسم ساخراً، ثم سألني: "ما فائدة أن يكون لاعباً عظيما، لكنه بلا أخلاق؟!". (3) قلت له: "يا إبراهيم إجابتك صادمة"، رد عليّ: "بل قل أنها صادقة" .. وأضاف: "يمكن أن أسجل ابني الجميل، الصغير، في النادي الكبير كما قلت، وامنحه المتعة التي يحبها، وربما امنح المشجعين ايضاً متعة مشاهدته، وهو يرسم لوحاته داخل الملعب، قبل أن تدخل كرته المرمى، هدفاً ينقذ القلوب من غصة الهزيمة .. يمكن أن يجني مالاً وفيرا، وأن نجني نحن من ماله الوفير هذا، مالا وفيرا ايضا، يمكن أن تصبح الدنيا كلها تحت أمره، ويأكل من تمرها كما تأكل هي من تمره .. لكن، ما قيمة هذا كله، وهو بلا أخلاق؟!.. كيف سأتقبل فكرة أن ولدي، يمكن يقضي أطيب عمره، في أحضان السهرات المشبوهة، متأبطا ذراع السفر إلى بلاد شرابها المسكرات وسجائر الحشيش، وطعامها النساء العاريات .. كيف سأتركه تحت رحمة الجهل الذي لا يرحم؟!". (4) كان إبراهيم، مؤمناً بأن كرة القدم في السعودية، ليست سوى طريق ممهدة نحو "الخراب الأخلاقي"، وفصلاً دراسيا لتعلّم "الكذب والغش والسهر الحرام" .. كان يراها كلها كذلك،" كلها" وليس جزءا منها .. أما أنا فكنت أراها حمّالة خير كما هي حمّالة شر، وأن المُحصّن منذ أن كان طفلاً في بيت أهله ب"التنشئة الكريمة"، التي تربيه على الخوف من الله وليس الناس، لن ينال منه سوء كرة القدم قدر حبة خردل، ولهذا حملت سؤالي له، وإجابته لي، إلى الصديق العزيز "تويتر"، ووضعت حِمْلي فوق ظهره، وسألت الناس "هناك": "مع أي الفريقين انتم؟!.. هل تتفقون معه أم معي؟!".. (5) فاقت الردود على مدى ساعات، 1500 رد، 90% منها كانت تقف في صف الأب، وترى كرة القدم بالعينين نفسها التي يراها بها: موطن قلة أدب، ووضاعة، وموبؤة بالسهر الخبيث، والممارسات الفاسدة، القبيحة"!.. ونصحوه بأن يبقي صغيره "البارع" بعيدا عن رداءة الأندية، وقريبا جداً من ارتداء قبعة التخرج. (6) أما ال 10%، الذين وقفوا في صفي - مع "قليل من التحفظ" - فكانوا على يقين أن البذرة الحسنة في التربة الطيبة، لا تنبت الا نباتا حسنا، وأن كرة القدم، على رغم كل السوء الذي يطوق ملاعبها، قدمت نماذج لموهوبين بارعين، على قدر من الخلق، والسمو، وكانوا قدوة صالحة. (7) بعد، الجدل الذي دار في "تويتر"، عدت وسألت الأب "الشقراوي": "ما تعليقك؟!" .. أجابني: "اسمع ما قاله الأمير عبدالله بن مساعد، الذي رأس ناديا عريقا مثل الهلال، في حديثه عن اللاعبين، مع المذيع بتال القوس لصالح برنامج "في المرمى"، ستفهم من إجابته، لماذا أنا خائف من الزج بأبني في وحل الأندية؟!.. الرئيس الذي خبر اللاعبين جيدا، يتهمهم بتدخين الحشيش، وتجريب المخدرات، والسهر الماجن حتى ساعات الصباح الأولى .. فما بالك بي وأنا البعيد عنهم؟!.. كيف سأفهمهم على نحو أجمل مما قاله عنهم واحد من الذين عرفهم عن قرب؟!.. فؤاد أنور، احد قادة المنتخب السعودي التاريخيين، قال مرة للمذيع ماجد الحميدي في برنامج "الحدث الرياضي"، عن لاعبين سعوديين، "أنهم أدمنوا شرب سجائر الحشيش، وأنه شاهد على ذلك". وزاد والد الصغير "الفنان"، قولا آخر: "بل انك يا أحمد قلت مرة عن بعض اللاعبين، وانت تتحدث للمذيع تركي العجمة في برنامج "كورة"، أنهم يحضرون إلى التدريب ورائحة الخمر تفوح منهم .. وبعد هذا كله، تطلب مني أن أكذبك، و ألا أخاف؟!". (8) كان ردي عليه: "حق لك أن تخاف يا صديقي .. حق لك، أن تخاف .. وحق لي أن أحسن الظن".