مكة أون لاين - السعودية تداولت الصحف الالكترونية في الأسبوع الفائت –ومن بعدها شبكات التواصل الاجتماعي- خبراً نصه «تشرع الجهات المختصة في السعودية في تطبيق قانون يعاقب الرجل بتعويض زوجته بمبلغ لا يتجاوز خمسين ألفاً إذا ضربها ولا يقل عن خمسة آلاف»، بعدها بيومين صدر تصريح من وزارة الشؤون الاجتماعية ينفي ذلك. ولأنني اطلعت جيداً على نظام الحماية من الإيذاء ولائحته التنفيذية -وكتبت مقالاً عنوانه «خيبات نظام الحماية من الإيذاء»-، لم أصدق الخبر، مع أني لم أعلم بنفيه حتى لحظات كتابة هذا المقال حيث دخلت موقع وزارة الشؤون الاجتماعية للاطلاع على المصدر الأصلي –وهذا الواجب قبل الخوض في أي أمر موافقة أو رفضاً- فوجدته خالياً من أي إشارة للخبر، ثم جاء تصريح الوزارة مكذباً له، فلم يخب ظني في خيبة نظام الحماية من الإيذاء. ورغم عدم دقة الخبر فإنَّ له أصلاً، حيث إن نص المادة 13 من نظام الحماية من الإيذاء: «دون الإخلال بأي عقوبة أشد مقررة شرعاً أو نظاماً: يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد عن خمسين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من ارتكب فعلاً شكَّل جريمة من أفعال الإيذاء الواردة في المادة الأولى من هذا النظام...» لكن لم يحدد النظام ولا اللائحة عقوبة ضرب الزوجة نصاً، المادة اشترطت كون الأمر «جريمة» فالنظام لا يعاقب على «الضرب» بل على «الإساءة الجسدية» وشرطها: حصول «ضرر جسدي»، والعقوبة قد تكون حبساً لا غرامة مالية، وقد تكون غرامة وحبساً، وقد لا يعاقب أصلاً، ولو دفع الغرامة فلن تذهب للزوجة بل للدولة، لذا فصيغة الخبر –بالإضافة لبعدها الشديد عن الدقة- كانت ساذجة. إنه الأسلوب الرخيص الذي تنتهجه بعض الصحف الالكترونية الأوسع انتشاراً لصنع الإثارة، فلا عجب أن يطير الناس به، لكن العجيب أن يتفاعل معه ويشرحه محامون وقضاة دون تثبت! وبعيداً عن الحديث في مهنية الصحف والأشخاص، فإن كل هذا الحماس يدل على شدة تعطشنا للتنظيمات التي تعالج مشكلات مسكوتاً عنها نخرت المجتمع أجيالاً. من الطريف أنني كنت أناقش أحد الزملاء المحامين فيما لو قامت الزوجة بضرب زوجها، هل تنطبق عليها هذه العقوبة؟ كان رأيي: نعم، وذلك إذا ثبت أن الزوجة تقوم «بالإعالة أو الكفالة» لزوجها، أو كان الزوج «يتبعها معيشياً»، فإما أن يقر بذلك ليحتمي من أذاها وبالتالي يناله العار الاجتماعي، أو يسكت محتملاً حمايةً لمصالحه وسمعته، كما تفعل معظم (النساء)، اللاتي لن ينقذهن نظام الحماية من الإيذاء، ألا يستحق ذلك التأمل؟