مال - السعودية "السعودة الوهمية" هي إقحام الشباب والشابات في وظائف هشة وغير آمنة وليس بها تطوير، يتوظف الشخص براتب متدني ثم يقترض ويتزوج ويرزق بأبناء، وتبدأ المأساة، ونحن جميعا نعلم أن صاحب الشركة لا يرحب به، وسيتخلص منه في أي لحظة إما بطريقة مباشرة أو بالتضييق عليه. "الوهم" الذي نعيشه أننا سنصبح الدولة الوحيدة التي ليس بها وظائف للسعوديين كثيرة في الأعمال، فيُخلق لهم وظائف غالبيتها رجال أمن ومخّلصين (معّقبين). بهذا نحن نوثق النوايا في عدم منافسة الدول المتقدمة في الصناعات والتكنولوجيا، ونريد أن نحّول بلدنا إلى دولة خاملة. نحن دولة بها 72 ألف طبيب وطبيبة، منهم فقط 25% سعودي وسعودية، أين التخطيط منذ سنوات؟ ألم نعلم بهذا؟ هل هو نقص بقدرات أبنائنا وبناتنا، أم نقص في تخطيطنا وتعليمنا ووزارة الصحة؟ أقفنا قريبا من النوم فوجدنا "بطالة" بسببنا وبسبب تخطيطنا، وطبعا بتعليم مخرجاته ضعيفة، فبدلا من تصحيح الخطأ وإعادة التأهيل والتجهيز لسوق العمل، رمينا بالمواطن في حضن التاجر والشركات التي بنت أعمالها على عمالة رخيصة، وطلبنا من الشركات حل مشكلة نحن سببها. هناك من يفسر السعودة الوهمية بتوظيف بدون حضور لمقر العمل لكسب اسم شخص للتعامل مع نطاقات، وهناك من يرى أن السعودة الوهمية هي توظيف الحد الأدنى للسعودة للوصول أو البقاء في النطاقات المقبولة (الخضراء والذهبية)، وهنا من ينظر للسعودة الوهمية هي تسجيل زوجة وأبناء وبنات صاحب الشركة أو بعض موظفيه ولنفس الأسباب التي سبق ذكرها، وأخيرا هناك من ينظر للسعودة الوهمية هي توفير الوظائف الهشة والغير منتجة للسعوديين، وجميع هذه الوظائف ينظر لها بالسعودة الوهمية حتى أصبحت المثالية تطغى على الوقع فأصبحنا نتفاخر فقط بالتوظيف مهما كان وأياً كان. هناك شريحة من الناس ينظرون إلى "الأعداد" فقط في التوظيف، وليست النوعية ولا العواقب المترتبة أو النتائج المتأملة. أجزم أن كثير من الوظائف للكوادر السعودية هي إما بائع أو بائعة أو رجل أمن أو مخلص جوازات (أو ما يسمى بالمعّقب). لو افترضنا جدلا أنه تم توظيف جميع السعوديين والسعوديات ولنفترض أيضا أنه تم توظيفهم في وظائف إدارية ومناسبة وأيضا برواتب 5000 ريال أو 8000 ريال، بالتأكيد هذا يرضي الكثير، ولكن كيف ستستفيد الدولة من أبنائها وبناتها من خلال هذه الوظائف لكي تنافس الدول المتقدمة في الصناعات والتكنولوجيا؟ أليست هذه هي السعودة الوهمية؟ هل من المنطق أن نتطلع إلى زعامة الدول بسوق عمل 90% من أبناء وبنات الوطن بأعمال ليس بها ابتكار ولا إبداع ولا فكر، ونأمل فقط على 10% أو أقل لإخراج منتجاتنا؟ أليس من الأولى أن ترسم الدولة خططها في التقدم، ومن ثم تنفذ هذه الخطط بتوظيف أبناءها وبناتها؟ ما نعمله هو "وهم"، نغش به ولاة الأمر، "نوهمهم" بأن التنمية والنهضة تسير في الطريق المستقيم ونلّمع الأرقام، وفي الحقيقة أننا نعمل على بناء مشكلة أكبر بكثير من المشكلة الحالية. ما نعمله بإقحام السعودة في "أي وظيفة" هي "السعودة الوهمية"، فنحن نبني مستقبل مظلم للوطن وأبناءه وبناته، وهذا ليس مستغرب لأن غير هذا يحتاج إلى عقول وفكر في حل المشكلة بعد رسم الخطط وتنفيذها. لنتذكر دائما أن حوالي نصف مليون مواطن ومواطنة يدخلون سوق العمل سنويا، لنرجع إلى عدد المواليد قبل 20 سنة، ولكل سنة منذ ذلك الحين، لنرجع لعدد طلبة وطالبات الثانوية، لنعرف أن حلولنا الحالية ليست مجدية وليست قريبة من الجدوى و "أننا نعيش في وهم"، فعلى الدولة الاعتراف بالمشكلة وحلها وليس فقط التخلص منها اليوم دون النظر للعام القادم. أخيرا، هناك حلول سهلة، وتلزم تدخل الدولة بإنشاء مصانع تصنع معدات وأجهزة بكميات كبيرة للاستهلاك المحلي والتصدير، فأمريكا تنافس وتتفوق على الدول الرخيصة في الصناعات والتصدير، فلا نقف عند عذر أن عمالة الصين رخيصة، ها نحن نشتري من أمريكا ثلاجات ومكيفات وبأسعار تنافس الصيني. barjasbh @