الحياة - السعودية في الأسبوع الماضي نشرت صحيفة «الرياض» تقريراً يتناول دراسة مهمة عن العمالة غير السعودية أجرتها وزارة العمل، فيها تفاصيل عن مشروع احتساب نقاط الوافد بفترة البقاء والراتب ضمن أفكار الوزارة المستقبلية. التقرير جاء فيه ما نصه: «توضح الإحصاءات - الصادرة من الوزارة - أن متوسط فترة بقاء العامل في المملكة 6.9 سنوات، وقد قسمت الدراسة التي أجرتها وزارة العمل التناسب أيضاً بين فترة بقاء العامل ومستوى المهارة لديه، حيث قسم مستوى المهارة إلى خمسة مستويات تنقسم ما بين عالي المهارة، وقليل المهارة، وكان الملاحظ أن من هم قليلو المهارة قد حصلوا على أعلى معدل بقاء في المملكة وبواقع 7.7 سنوات، وهو الأمر الذي لا يعود على البلاد بقيمة مضافة، نظراً لتدني أو انعدام مهارات هؤلاء، والمفترض تغييرهم حتى لا يتحولوا إلى استخدام كافة أشكال التحايل والتلاعب وإلى إدارة الأعمال الشخصية، نيابة عمن يقبل بذلك من أصحاب العمل ذوي الإسهامات السلبية في سوق العمل». على الفور تداعت إلى ذهني نصيحة أو مقولة جبران خليل جبران الشهيرة «لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل، إذا صمتَّ.. اصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت.. فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت». تماهت مقولة جبران مع فقرة التقرير الخاصة بالدراسة لأتأمل في حالنا مع الجودة، وهنا في هذه القضية حالنا مع جودة العمالة، والحقيقة إنها حالنا مع جودة جزء غير يسير من الإخوة والأصدقاء المقيمين بدءاً من الطبيب المستقدم لمستشفى خمسة نجوم أو مستوصف في شقة سكنية، وانتهاء بعامل الصيانة البسيط، مروراً بكل ما يخطر على بالكم. لا ضير أن نتبادل المنفعة، أي أن يتدرب لدينا (وليس علينا) البعض ليكتسبوا خبرة أكثر، لكن لا بد من توافر حد أدنى للمهارة والخبرة، حد لا يجعل سؤالك الاعتيادي في شؤون حياتك اليومية هو «تعرف سباك كويس؟ حولك كهربائي يفهم؟ تخبر لي مهندس أجهزة له علاقة بالهندسة؟»، وهكذا. في بداياتنا التنموية كنا مضطرين للقبول بأنصاف المهنيين على طريقة جبران، ولكن هذا القبول استمر عقوداً من الزمن بدليل أرقام دراسات الوزارة أعلاه، وللحق فإننا جزء من المشكلة، فنصف الطبيب تتحمله الجهات الرقابية التي ترخص لتخصصهم، ونصف السباك يتحمله المستثمر الذي يكفله أولاً، والمستهلك الذي يسمح له بالتجربة فيه، وجميعنا نشترك في قضية البحث عن السهل والأقل كلفة، وكأننا دوماً في حال عيش موقتة. ينسحب ذلك على جودة البضائع والخدمات، ولولا «صحوة» في وزارة التجارة لبتنا كذلك، ولعل استيقاظ وزارة العمل يصحبه استيقاظ ضمائر البعض، ووعي البعض الآخر لنتخلص من «الأنصاص والأرباع» في معظم المهن، لنعشق الجودة بشرط ألا نكون أنصاف عشاق.