الوطن - السعودية المجتمع يعاني من حالة تمييز تؤدي إلى احتقار قيمة وحقوق الإنسان ويعد التحرش أحد نواتجها، فالمجتمعات التي تمارس التمييز هي الأكثر تعرضا للتحرش وامتهانا لحقوق الإنسان كالعادة، انتشار فيديو لذكر يتحرش بطفلة قبل صعودهما للمصعد، أثار الرأي العام وأخذت الناس تتداوله بغالبية مستنكرة، الغريب في الموضوع هو مفهوم التحرش لدى المجتمع. إن غالبية المجتمع يعد التحرش من ناحية جسدية فقط وتعرفه بالمُضايقة الجسدية، لكن التحرش يزيد عن ذلك ليتضمن مجموعة من الأفعال والانتهاكات والمضايقات الجادة التي من الممكن أن تكون بالتلفظ بتلميحات إباحية، وصولا إلى الفعل. ويعرف المركز المصري لحقوق المرأة التحرش بأنه: "كل سلوك غير لائق له طبيعة جسدية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان". لكنهم لم ينظروا إلى حقيقة التحرش الذي هو شكل من أشكال التفرقة العنصرية، وهو شكل من أشكال الاستئساد والتعدي على الغير. بل يعد الكنديون التحرش الجنسي شكلا من أشكال التمييز على أساس الجنس، ويعرفه الفرنسيون بالفعل الذي يقع من خلال التعسف في استعمال السلطة باستخدام الأوامر والتهديدات أو الإكراه بغرض الحصول على منفعة أومزايا ذات طبيعة جنسية. لكن تحرش الذكر بالأنثى لا ينبع فقط من كون أن له عليها سلطة في العمل أو سلطة مادية، بل يمكن لهذه السلطة أن تكون اجتماعية يمنحها له المجتمع فقط لكونه ذكراً! لو عدنا إلى تاريخ استخدام هذا المصطلح لوجدناه استخدم عام 1973 في تقرير رفع إلى رئيس ومستشار معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا آنذاك عن أشكال مختلفة من قضايا المساواة بين الجنسين. ووضع سياسات وإجراءات ذات الصلة. معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في ذلك الوقت اعترف أيضا بالإصابات الناجمة عن المضايقات العنصرية والمضايقات التي تتعرض لها النساء ذوات البشرة الملونة. فالتحرش فعل إسقاطي سببه رغبة المتحرش الدائمة في إثبات قوته ونفوذه، فنحن في مجتمع ذكوري يحتفظ فيه الرجل ب"تابوهات" مشوهة عن المرأة وأفكار تدعو إلى تواجدها في المنزل بينما يرغب فكريا في إسقاط دورها المجتمعي، ويمثل التحرش نتيجة فكره هذا. فالتحرش لا يعد عملية تصاعدية من مرحلة إلى أخرى لإثباته، لكنه عادة ما يكون أحد أشكال العنف الذي يتمثل في فعل انتهاكي لحدود الآخر، فالمجتمع يعاني من حالة تمييز تؤدي إلى احتقار قيمة وحقوق الإنسان ويعتبر التحرش أحد نواتجها، وفي أغلب التقييمات العالمية كانت المجتمعات التي تمارس التمييز هي أكثر المجتمعات تعرضا للتحرش وامتهانا لحقوق الإنسان. وأخيرا، فإن مجتمعا خاليا من التمييز العنصري هو مجتمع خال من التحرش.