اليوم- السعودية باختصار هي ميزانية استثنائية تحمل في طياتها مؤشرات التميز والتفرد، فهي أولاً الميزانية الأضخم في تاريخ المملكة (855 مليار ريال) حتى لو كانت الزيادة طفيفة مقارنة بالانفاق الفعلي في السنة الماضية، فالموازنة حافظت على نموها السنوي ولو بوتيرة أقل. وفي ظل هذا الواقع سيكون العام الجديد استثنائياً فهو عام الحصاد لخطة التنمية العشرية المنتهية خلاله، كما أن العام الذي يكون فيه اقتصادنا الوطني قد وصل إلى ذروة التشبع في الانفاق الحكومي. وموازنة 2014 بلا عجز ولا فائض وهذه من الحالات النادرة على الصعيدين المحلي والاقليمي، كما تعكس واقعاً جديداً يشير إلى أن المملكة بدأت حصد ثمرة التخطيط الذي عكفت عليه طيلة السنوات الماضية لتمكين القطاع الخاص من أداء دور أكبر في الاقتصاد، حيث سجل أخيراً نمواً فاق القطاعين الحكومي والبترولي، وللمرة الأولى يتجاوز دخل القطاع الخاص حاجز تريليون ريال في تاريخ المملكة. وهكذا نحن أمام مرحلة جديدة تشير بتجاوز القطاع مرحلة الفطام وبلوغه مرحلة النضج!! مع اعلان الميزانية أصبح الدين العام في أدنى مستوياته بما نسبته 89% مقارنة بالعام 2003 بعد أن نجحت المملكة في خفضه خلال 10 سنوات حتى مستوى 75.1 مليار ريال مقارنة ب 660 مليار ريال. وبذا تكون المملكة قد نجحت في خفضه من 82% الى 2.7% من الناتج المحلي الاجمالي خلال نفس الفترة. ويتيح هذا للدولة الاقتراض من جديدة متى ما تطلب الأمر ذلك من دون قيود. والميزانية الجديدة «موغلة» في الواقعية والتحفظ يأخذ في الاعتبار كافة التقلبات الممكنة في أسواق النفط العالمية باعتبار النفط العنصر الرئيس للدخل في المملكة، فلو نظرنا لموازنة 2013 نجد ان الايرادات الفعلية بلغت 1131 مليار ريال (مقارنة بتوقع 829 مليار ريال)، ويفوق ذلك توقعات الموازنة الجديدة بما نسبته 32% تقريباً، حيث حقق فائض فعلي 206 مليارات ريال، لذا فمن الممكن تحقيق ايرادات أكبر وانفاق اكبر وفائض أكبر بنهاية السنة المالية المقبلة، بمعنى أن البلاد تعيش سنوات سمان وحالة من اليسر والرخاء الاقتصادي. وأخيراً فإن الموازنة الحالية «مرآة» تعكس ما أشرنا إليه من رفاه اقتصادي، حيث تشير أرقام وزارة المالية إلى ارتفاع حجم الفوائض المتراكمة لدى المملكة خلال السنوات الماضية إلى 2.35 تريليون ريال، مقارنة ب 143 ملياراً فقط في العام 2004 وبنسبة نمو 1545% في آخر 10 سنوات. هذه مؤشرات مهمة تستحق الوقوف والتأمل عند قراءة الميزانية الجديدة وتحليلها.