الشروق- القاهرة حينما حاصرت شِرذمة ٌمن الإخوان وأنصارهم منزلى قبل أسبوعين تقريبا من الآن؛ نصحنى زملاء جريدة الشروق الأعزاء بأهمية استخدام حقى فى التعليق على محاولة الاعتداء تلك بما أُتيح لى من مساحة صحفية؛ لاسيما وأن هذه المساحة قد تزيد استثنائيا لتستوعب ردى مفصلا على الواقعة.. غير أنى لم أجد فى نفسى ميلا لذلك؛ مكتفيا بردودى الروتينية على القنوات الإعلامية والصحف؛ تاركا هذه المساحة بعيدة - ولو بصورة مجملة - عن تصفية حسابات ٍشخصية. غير أن الأمر لما تطور إلى صورة ٍأشد خطورة بحصار سيارة رفيقى والإصرار على إلحاق الأذى البدنى بنا؛ ثم تكرار محاولات الاعتداء على قيادات النور تحديدا - بوصفهم صُناع قرار - وعلى غيرهم بصفة ٍعامة؛ كان على أن أراجع موقفى المبدئى وأنظر للأمر من منظور ٍمختلف ما عاد يتعلق بكاتب السطور قدر تعلقه بسياقٍ عام تنتظم فيه مصر كلها. الأمر يحتاج إلى جهد ٍجهيد كى أحافظ على شىء من الاتزان فى الحكم؛ والإنسانية فى النظرة فلا أعمم على كل منتسبيكم أوصاف عنف ٍوبلطجة كما يفعل الآخرون؛ بل قل كما تفعلون أنتم مع الآخرين؛ فأنا أعلم أن معظمكم ضحية تربية ٍخاطئة أقنعته أن الجماعة بأفرادها وقياداتها؛ بل وحتى بقراراتها وتوجهاتها هى الإسلام نفسه؛ ومن ثم فالانتقاد ممنوع؛ والاختلاف معها باطل؛ وتخطأتها أو معاداتها حتى.. هو الكفران المبين ! ما الذى تركتموه لغيركم ممن تنعتونهم بأبشع الأوصاف؛ وأنتم تبغون انتصارا موهوما بالكذب والبهتان تارة؛ والسباب والتشويه تارة؛ والاعتداء على المخالفين وانتهاك الحرمات تارة أخرى.. المساجد التى تروجون على البسطاء فى أرجاء العالم الإسلامى تعرضها للاعتداء؛ لم تدخل فى المعادلة إلا على أياديكم ولم ينشب بين روادها الشقاق والعراك إلا بسبب ابتذالكم لمنابرها فى الوقت الذى كان المصريون فيه يتشوقون لخطاب ٍشرعى هادئ ومتزن يقوى ارتباطهم بالشريعة الإسلامية لا بحزب سياسى أو بقيادة ٍحاكمة.. ثم الآن تترصدون للعلماء على أبوابها وتشغبون على حلقات العلم فى ساحاتها؛ وكأنى بكم تهددون أنه إذا لم يكن إخوانا فلن يكون ثمة إسلام. لسنا نرى الأمر الآن أفضل من ذى قبل؛ ولسنا نرفل فى مكاسب شخصية أو حزبية؛ بل كما كررت من قبل مرارا؛ نحاول فقط إدارة خسائر الدعوة الإسلامية - ولا أقول التيار الإسلامى - وإدارة خسائر وطن تضرر فقراؤه وبسطاؤه أيما ضرر. لذا فمهما يكن من أمر؛ لن نتوقف عن دعم وطننا وقد وصلت مؤسساته إلى حافة الهاوية؛ واستُنزفت قدرات شعبه المعنوية قبل المادية وتربص به مشرق ٌومغرب كلاهما يمنى نفسه بمزيد ٍمن المكاسب على أشلاء جثثنا وأطلال عمارتنا.. لن نتوقف وشبح ليبيا وسوريا والعراق يطاردنا ويطير النوم من جفوننا. لن نستدرج أيضا إلى رد الاعتداء بأيادينا؛ فما كنا لنهرب من التورط فى مواجهات المصريين بعضهم لبعض؛ وما كنا لنرفض مبدأ الدولة داخل الدولة قبل وأثناء وبعد 30 يونيو منكم ومن غيركم؛ لتستدرجونا اليوم إلى مشاركتكم إقرار شريعة الغاب وإشعال فتيل الاحتراب الأهلى ولو كلفنا ذلك أرواحنا.