محمد بن عبدالرزاق القشعمي - عكاظ السعودية عرف المحامي الفرنسي الشهير فيرجيس أول ما عرف في الوطن العربي عند تبنيه الدفاع عن بطلة التحرير الجزائري جميلة بوحيرد، فدفاعه عن المناضلة الجزائرية والتي حولها إلى قضية إنسانية كبرى بعد أن حكم عليها بالإعدام، وذلك بسبب اتهامها بوضع قنبلة في سوق موريتانية بالجزائر والتي لم تنفجر عام 1956م، فاتهمت بانتمائها لجبهة التحرير وحكم عليها بالإعدام، وبسبب الحملة الإعلامية التي شنها المحامي جاك فيرجيس وزميله جورج أرنو اللذان فضحا ممارسات فرنسا في القتل الجماعي والتعذيب في الجزائر، مما خفف الحكم إلى السجن المؤبد، لتصبح من أشهر نزلاء سجن سركاجي أو سجن برباروس ليطلق سراحها مع الاستقلال. وبفضل ما أبداه من حماس وقوة وإصرار على مواجهة التعنت الاستعماري أصبح فيرجيس شخصية عالمية.. وينجح بمرافعته الشهيرة، والتي تعاطف معها الرئيس الفرنسي شارل ديجول الذي اعترف بقوة مرافعته، توج ذلك بزواجه من المناضلة جميلة بوحيرد عام 1965م، لتعيش معه عشر سنوات وتنجب منه مريم وإلياس، ويعيشا معا كمناضلين بتأسيسهما مجلة الثورة الأفريقية، والتي أصبحت صوتا أفريقيا مناصرا لقضايا التحرر والنضال ضد التمييز العنصري. تعرف إلى أشهر المناضلين الأفارقة، وفي مقدمتهم نيلسون مانديلا في الجزائر، وقيل إنه اختفى ثماني سنوات ليظهر بعد ذلك مع مناضلي المقاومة الفلسطينية وبسبب هذا الاحتفاء تنفصل عنه جميلة، رغم أن الكل يجمع على وفائه للقضايا الإنسانية ودفاعه المستميت عن العدالة، وسمي بالمجاهد منصور، والذي استمر مناصرا للجزائر والتي زارها مرارا.. توفي يوم الخميس 15/8/2013م عن 88 عاما بسكتة قلبية، والذي رثته دار النشر بيارغيوم دورو التي نشرت مذكراته (من محض اعترافاتي.. ذكريات وأحلام) بقولها: توفي بسكتة قلبية في الساعة 20:00 من يوم الخميس في غرفة فولتير، وتحديدا على رصيف فولتير بباريس، عندما كان يستعد لتناول العشاء مع أقاربه.. وقالت: مكان مثالي لآخر عرض مسرحي مدو تمثله وفاة هذا الممثل البارع؛ لأنه على غرار فولتير كان شغوفا بفن التمرد والتقلبات المستمرة.. وصفه زملاؤه بالفارس والشجاع والمستقل والعملاق الذي التزم أحيانا بالجانب غير السليم.. روى رئيس المجلس الوطني لنقابات المحامين كريستيان شاربير برونازل أنه «قبل بضعة أشهر أصيب بالوهن وأصبح يمشي ببطء شديد ويتكلم بصعوبة، لكنه ظل سليما عقليا.. كنا نعرف أنها آخر أيامه، لكننا لم نتصور أن نهايته ستأتي بهذه السرعة». سألته صحيفة فرانس سوار في 2004م: كيف تكون محامي صدام حسين؟ قال جاك فيرجيس: «إن الدفاع عن صدام حسين ليس قضية ميؤوسا منها، بل الدفاع عن الرئيس الأمريكي جورج بوش هو الميؤوس منه». قالت عنه المحامية إيزابيل كوثان بيري محامية كارلوس: «كانت له نظرة سياسية مثالية لمهمة المحاماة وتجربة فريدة من نوعها في أكبر صراعات القرن العشرين». وقال المحامي جورج كيجمان: «ليس هناك عدد كبير من العمالقة في نقابة المحامين لكنه كان كذلك بلا شك». وقد دافع عن الثائر الفنزويلي كارلوس، والناشط اللبناني جورج عبدالله، ومجرم الحرب النازي كلاوس باربي، والدكتاتور اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش، وقائد الخمير الحمر السابق كيو سامغان وصدام حسين (...)، وقد أجمع على أنه أحد أكثر المحامين قوة وإثارة للجدل.