الوطن- السعودية هل باتت المناسبات والفعاليات العالمية التي تفوز باحتضانها وتنظيمها دول الجوار مصدر إزعاج لنا؟ هل باتت المشاريع النوعية لحظة افتتاحها أو الإعلان عن الشروع في إقامتها عند جيراننا مصدر ضيق لنا؟ هل باتت كلمات مسؤول عال في دولة أخرى قالها لشعبه أو زيارة قام بها لبيت مواطن في بلده محل استغراب عندنا لنتداول بحماس كبير مقطع فيديو خاص بها؟ هل باتت الطريقة التي يحتفل بها الآخرون باليوم الوطني الخاص بهم محل دهشة عندنا تصل إلى مرحلة السفر إليهم لمشاركتهم تلك الفعاليات ومن ثم التسويق لها إعجابا بها؟ لو أردت أن أثبت شيئا مما أسلفت فلن أعجز البتة، ويكفي أن أفتح الأخ "واتس أب" ومن ثم أفتح أصغر "جروب" مشارك أنا فيه لألتقط رسائل لا حصر لها مما يؤكد كلامي، فمؤخرا عندما فازت دبي بتنظيم إكسبو 2020 "طقطق" السعوديون على أنفسهم بما لا يمكن تصديقه أو التوقع بقدرتهم على فعله. في ظني، أن واقعا معينا نعيشه يفرز تلك التداعيات، وهو ما يدفع بالبعض منا لممارسة تلك ال"طقطقة" التي لا تختفي مطلقا من وسائل التواصل الاجتماعي، هذا الواقع لم يلتفت إليه أحد ولم يدقق فيه أحد ولم يسع أحد لدراسته والبحث فيه ومن ثم تقديم توصيات بشأنه. لم أسمع من يسأل لماذا الناس هنا هكذا هو حالها؟ متهكمة، لا يرضيها شيء، تسخر من أي منجز، تشكك في كل نجاح، في كل رقم، في كل كلمة، في كل خطة، وفي كل مشروع؟ لم أسمع قط مسؤولا أو صاحب قرار، أو مسؤول إعلام حاول أن يتناول هذا الواقع المؤلم الذي يعبر عنه الناس عبر تلك ال"طقطقة"، فعلى المستوى الشخصي أتألم كثيرا حينما أرى الناس تحتفي وتسوق لمنجزات أو لأعمال أو لمبادرات أو لأشخاص عند غيرنا وتتجاهل ما هو أفضل أو مشابه تماما لها موجود عندنا. هذا الألم يزداد حينما أدرك أن الأسباب تكمن في أننا لا نعرف كيف نتعاطى مع إنجازاتنا وكيف نحتفي بها وكيف نسوق لها، فجل أعمالنا ومنجزاتنا بدون ذراع إعلامية احترافية تسندها وتعرف بها وفق ما يتناسب واللحظة التي نعيشها بكل تفاصيلها، التي لا تعترف ولا تؤمن ولا تتعامل مع إعلام تقليدي غير قادر على استيعاب ما طرأ على وعي الناس والإمكانات التي باتت متوفرة لهم لمعرفة ما هو صحيح وما هو خطأ وما هو موضوعي وما هو مبالع فيه. نحن بحاجة إلى إعلام بفكر استراتيجي يعمل على إعادة ثقة المواطنين بما ينجز في وطنهم، فكثرة الأخطاء وكثرة المشاريع المتعثرة وكثرة الفساد وغياب الموضوعية والمصداقية في بعض وسائل الإعلام لا ينبغي أن تدفع بنا إلى الإجحاف بحق المنجزات العظيمة والجميلة والمفيدة التي تحققت وينتظر تحققها، ولا أن نظلم من يقف وراءها من المخلصين والمبادرين والفاعلين، بل إن إبراز مثل هؤلاء والتعريف بهم وبمنجزاتهم يصبح ضرورة للكشف من جهة عن فشل وتخاذل من هم في مواقع مماثلة لهم، وتحفيز من له رغبة في محاكاتهم ومنافستهم من جهة ثانية.