صحيفة المدينة -السعودية دخلت كسحابة عطر !أخذت مكاني القصي في ذلك البهو الفخم. أفرغت جيبي من المفاتيح وأجهزة الجوال وعلبة السجائر. طلبت قهوتي.. ووضعت الكمبيوتر المحمول على الطاولة. كان المكان رغم فخامته، وابتسامة النادلة، والقهوة الساخنة... بارداً! حاولت أن ألغي المشهد وأكتم الأصوات، وكأنني أمتلك ريموت كنترول سحرياً يطفىء كل من في البهو... وأبدأ بالكتابة! عن ماذا سأكتب؟.. وكيف؟.. ولماذا؟ مع أول رشفة أشربها، وعند أول سطر يشربني: دخلت، ودخل معها الضوء، والألوان، والموسيقى. تحوّل المكان فجأة إلى حديقة.. حفلة.. كرنفال. استنشقت حضورها، وشاهدت عطورها كيف تبعثر المكان وتعيد ترتيبه. كان إيقاع كعبها العالي يُعيد للبهو موسيقاه المفقودة. ارتفعت أصابعي عن الكيبورد.. وارتفع نبضي ... " كأنها تتجه إلّي "! وقفت أمامي وقالت: ألست أنت القائل.. ( الفرصة: فتاة حسناء.. لا تتحرّش بها، ولا تقف أمامها مثل الأبله عندما تغازلك! ) قلت: نعم! ابتسمت، وذهبت دون أن تضيف أي كلمة، ولكن نظرتها الأخيرة.. قالت: اتبعني! وتبعتها.. ذكّرتني بأول كتاب اقتنيته في حياتي ( الكتابة: عمل انقلابي) وقالت : ما زلت تؤمن بعبارة نزار تلك؟ قلت: وسأظل مؤمناً بها! ما الذي فعله بك نزار؟ جعلني أصنع من اللغة حلوى، ولعبة لم أستطع أن أشتريها في طفولتي، ومناديل ملونة، وطائرة ورقية.. أسرع من الصوت، وأقوى من الميراج! وإلى أين أخذتك كلماته؟ إلى عوالم سحريّة، وأراض ٍ جديدة لم يطأها " قلم " بشر. ألم تندم؟ الكتابة: خطيئتي الرائعة، وأجمل وأطهر ذنوبي، ولو منحني الله عمراً آخر سأعود لارتكابها بإخلاص مؤمن. ماذا تريد من الكتابة؟ الكتابة.. نفسها! إذن عد لطاولتك وقهوتك وجهازك.. واكتبها. وأنتِ؟ آلاف غيرك يطاردونني.. وهذا أقصى ما يحصلون عليه مني ! فرقنا الزحام، والأصوات، والوجوه التي ملأت البهو... صرخت: من أنتِ؟.. ما اسمك؟ قالت وهي تبتسم: اسمي " الفكرة " ! twitter | @alrotayyan [email protected]