«أكثر ما يجذبني فيها رقتها»... نعومتها، هدوؤها، جاهها، مالها، قناعتها، صبرها... وعشرات من الصفات التي أدلى بها رجال وشباب حول أكثر ما يجذبهم في المرأة، سواء كانت زوجة، خطيبة أم صديقة. وهذا بعد حذف «نظرتهم» إلى المواصفات الجسدية التي تشغل، ولا شك، الجزء الأكبر من تفكير الرجال. ولم يذكر أحد صفات «خفة الدم» و«القدرة على إلقاء النكات» و«روح الدعابة» و«الميول الساخرة» أو أياً من تلك السمات التي غالباً ما تذكرها المرأة ضمن صفات الرجل الجذاب. ليس هذا فقط، بل أن كثيرين صدموا وأسقط في أيديهم حين سئلوا عن رأيهم في المرأة الخفيفة الظل. بعضهم قال «يعني، ماشي»! وآخرون قالوا «والله لو دمها خفيف لا مشاكل، ولكن بحدود»! فريق ثالث أكثر صراحة أعلن من دون مواربة «امرأة خفيفة الظل؟! غريبة بعض الشيء! ولكنها ليست صفة مطلوبة أو محببة في المرأة»! شخص واحد اعترف بأن خفة ظل المرأة يعتبرها «قوة طاردة في العلاقة، لا سيما في البداية، إذ إنها تنتقص من الرومانسية المفترضة. لكن، نكات مضحكة وتعليقات ساخرة؟! الأفضل أن أعتبرها واحد صاحبي». وعلى رغم ذلك اعترف هذا الأخير بأنه قد يقبل «خفة الظل» بعد الزواج باعتبارها «ميزة تخفف من وطأة وملل الزواج». إيناس في الثانية والثلاثين من عمرها. يعرفها أفراد أسرتها وأصدقاؤها لخفة الظل وميولها الساخرة من نواحي الحياة، وتعليقاتها اللاذعة على ما يجري حولها... لكن ذلك يقف حجر عثرة أمام عثورها على «ابن الحلال»، أو على الأقل هذا ما يؤمن به أفراد أسرتها. يقول والدها: «التهريج صفة ذكورية. إلقاء النكات والسخرية من الأوضاع وروح الدعابة والضحك بصوت مرتفع... من سمات الجلسات الرجالية. وحتى لو كانت الفتاة أو المرأة لها مثل هذه الميول، عليها أن تسيطر عليها أمام الغرباء. وقد تعبتُ من كثرة ما نصحتها بأن تكف عن ذلك، حتى يرزقها الله بعريس معقول، ولكن ما فيش فايدة». أفراد أسرتها لديهم مخزون من القصص والحكايات عن العرسان الذين يتقدمون لها، ثم يهربون بسبب تعليقاتها الساخرة المستمرة أثناء جلسات التعارف. وتقول إيناس عن نفسها: «يبدو أن الرجل المصري يخشى من المرأة التي تتحلى بروح الدعابة والقادرة على السخرية من الأشياء بلا تردد أو خوف أو خجل. وعلى رغم أنني لا أتطرق إلى تعليقات خارجة عن حدود اللياقة، ألمح الخوف والتردد في عيون الشباب الذين ما زالوا يضعون الفتاة في قالب البنت المستحية التي تفتح فمها بحساب، وتبتسم بالميزان، وتضحك بعد طول تفكير». ما تتعرض له إيناس من محاولات لكبت دعاباتها وسخرياتها، على الأقل حتى تضمن عريساً ينتشلها من العزوبية، لا يختلف كثيراً عن نتائج بحث أكاديمي أجري في بريطانيا عام 2006، نشرته جريدة «التطور والأداء الاجتماعي». وتشير الدراسة إلى أن «معظم الرجال قد يضحكون على نكات تلقيها المرأة، ويستمتعون بصحبة المرأة ذات الميول الساخرة، ولكن حين يتطرق الأمر إلى الزواج أو العلاقة طويلة المدى، فإن أولوياتهم تختلف تماماً، إذ يخشون من أن يصبحوا مادة لسخريتها ويفضلون الابتعاد». ويلاحظ البحث أن أكثر من نصف الرجال الذين شملتهم الدراسة يعتبرون أن المرأة الذكية صاحبة روح الدعابة ليست النوعية التي يفضلونها كشريكة للحياة، وأن غالبية الرجال يرون أنفسهم فقط يلعبون دور البطولة المطلقة في مسألة الدعابة والسخرية، على أن يقتصر دور المرأة على الاستحسان والضحك، وإذا انعكس الوضع يشعرون بالتهديد. ويبدو أن نتائج البحث البريطاني يمكن تعميمها على مصر، فمحمد عمرو (32 سنة) يعترف بأنه أعجب بفتاة تعرف إليها في زفاف أحد أصدقائه. وفي أول لقاء وجدها تتمتع بذكاء شديد بدا واضحاً في تعليقاتها الساخرة وروح الدعابة لديها. يقول: «للوهلة الأولى، استمتعت جداً بصحبتها، ولكني بدأت أشعر بعدم الارتياح خوفاً من أن تطاولني سخريتها. كما أنني لم أستحسن فكرة أن تكون خطيبتي أو زوجتي بؤرة اهتمام الجلسات واللقاءات الاجتماعية في ما بعد. هي ميزة في الرجال، لكنها ليست في النساء، لذا فضلت أن أقطع العلاقة». أما إيناس، فما زالت تمضي قدماً في رحلة بحثها عن زوج، وعلى رغم عدم اقتناعها بما تفعل، وتحاول قدر الإمكان تصنّع ثقل الظل والصمت القاتل، إلا أن ذلك يصيبها، على حد قولها، برغبة عارمة في الانفجار ... ضحكاً.