في مصر، صدر أمس حكم قضائي بحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين ومختلف المؤسسات الصادرة عنها، وبالطبع يسري هذا الحكم على حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لهذه الجماعة. قد يتهم بعض مناصري الجماعة هذا الحكم بأنه يدخل في نطاق التصفيات السياسية، غير أن القضاء المصري تحديدا كان له موقف حاسم وواضح من نظام الرئيس مبارك سابقا، القضاء المصري كان يتمتع بأكبر درجات الاستقلالية قبل الثورة، وبعدها أيضا، بل إنه جاهد كثيرا في سبيل فصل السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. لكن المهم هو أن حضور الإخوان المسلمين كجماعة أو حركة تنظيمية شعبية في مصر، أو حتى كحزب سياسي تلاشى كثيرا، ليس بعد ثورة ال30 من يونيو، وإنما قبلها أيضا، ما يهم هنا هو مراجعة الأسباب والعوامل التي أدت إلى هزيمة الإخوان وتراجع شعبيتهم في هذا البلد وغيره، لعل أهم هذه الأسباب هو انعدام وجود برنامج للنهوض بالاقتصاد المصري، بل والفشل في احتواء أزمات ارتفاع الأسعار، أما على المستوى السياسي فمحاولة الجماعة السيطرة على كافة السلطات في هيكل الدولة المصرية، وإقصاؤها كافة الأحزاب والتيارات المدنية الأخرى من الحضور السياسي، والمشاركة في صياغة الدستور المصري. لكن الأمر تعدى ذلك إلى هيبة الدولة المصرية، فاختطاف الجنود المصريين من سيناء على أيدي الجماعات السلفية المتطرفة، وسيطرة تلك الجماعات على أجزاء من سيناء، والموقف المتردد للرئيس السابق محمد مرسي حيال هذه القضية؛ كشف وبوضوح هشاشة القيادة الإخوانية وضعفها في إدارة الدولة المصرية، خاصة في مرحلة ما بعد الثورة. سقوط الإخوان كان بإرادة شعبية مصرية، وقد أدرك بعض المنتمين للإخوان هذه الحقيقة، فبدؤوا بتقديم اعتذارات علنية عما تسببت فيه الجماعة من أزمات داخلية في مصر، وهي خطوة جيدة بلا شك، تنبئ بإمكانية تراجع قيادات هذه الجماعة عن توجهاتها السابقة، والبدء في مرحلة جديدة من نقد الذات، والأهم من ذلك أن أمام كافة المنتمين لهذه الجماعة والمناصرين لها مراجعة كل الجدليات بين ما هو ديني وسياسي، وفق رؤى عصرية.