هل بلغ العنف الطائفي مستوى مرعباً حتى يتم اغتيال عدد من أئمة المساجد، والعشرات من أبناء السنة في البصرة خلال الأيام القليلة الماضية، وأن تجري عليهم عمليات قتل، وتهجير، شبيهة لما حصلت عام 2006م؛ لتندرج تلك الجرائم ضمن عمليات قتل طائفية؛ من أجل إقصاء أهل السنة، والبدء بتهميشهم، وإبعادهم من كل مفاصل الدولة، ودوائرها هناك، بدءاً من مجلس المحافظة، حتى أصغر دائرة خدمية؟ لقد تجاوزت الحالة كل الخطوط، فبعد أن كانت البصرة مدينة يتعايش فيها العراقيون بكل طوائفهم جنباً إلى جنب، حاولت إيران السيطرة على مفاتيح القوة في العراق، حتى وإن توارى دورها خلف لافتات عملائها من الشيعة العراقيين، وعملت على اختراق الشبكة الأمنية، والأحزاب السياسية؛ من أجل اجتثاث أهل السنة، وتهجيرهم من البصرة تمهيداً لإقامة إمبراطورية فارس الكبرى، عبر مخطط متكامل الأبعاد، بدأ باحتلال العراق، وتمزيق وحدته الوطنية، ومروراً بالاستيلاء على ثرواته، وانتهاء بتصفية أهل السنة في العراق. صحيح أن الاحتلال الأمريكي أطلق الصراعات الطائفية في العراق، وفي غيره من الأقطار المجاورة خدمة لمصالحه، إلا أن ما يُفعل هذه الأيام بأهل السنة في العراق يُعتبر سابقة سيئة في تاريخ المنطقة، قد يقود إلى كارثة، لا أحد يعلم مداها، وخصوصاً أن أحدث التقارير الواردة من هناك أشارت إلى أن نسبة السنة التي كانت تبلغ أكثر من 40 % من سكان مدينة البصرة أصبحت اليوم لا تتجاوز 15 % نتيجة أعمال التطهير الطائفي، الذي تمارسه هذه المليشيات، والنزوح الجماعي للعوائل السنية إلى مدن العراق الأخرى، بمباركة المرجعية الشيعية التي لم نسمع أي إدانة منها لهذه الأعمال، بل إن حملات التهجير التي شملت أهل السنة بالبصرة وصلت إلى حد وضع علامات حمراء على البيوت، وإرسال مذكرات تهديد تطالب بإخلائها، ومغادرة ساكنيها من البصرة. الحق أن هناك مسألة تستحق الالتفات، هي ضرورة معالجة هذا الخلل على أساس أن العراق هو وطن لكل العراقيين، وهو جزء من استقرار المنطقة؛ إذ ليس من مصلحة العراق تصفيته من أهل السنة، أو تهميشه، فهذا سيؤدي إلى اختلال التوازنات في المكون العراقي، وبكل التبعات التي ستترتب على ذلك، ومنه على سبيل المثال: التحول الديموغرافي والسياسي الكبير في المنطقة، وتهديد النسيج الاجتماعي لكل جوار دول العراق، إضافة إلى إلغاء عروبة العراق؛ ليصبح إحدى محافظات الإمبراطورية الفارسية الجديدة.