"قم للمعلم واشحذ السكينا.. صار المعلم بيننا مسكينا" - البيت لعبدالرحمن الفيفي - قاله إن لم أكن مخطئا تعليقا على مقتل معلم على يد أحد طلابه قبل يومين؛ لمحاولته فض نزاع بين الطالب وأحد عمال النظافة في المدرسة!. كثيرة هي الحوادث المؤلمة التي نقرأ عنها، لكن حادثة القتل هذه أحزنتني فعلا.. اسوأ وأبشع الجرائم هي التي يذهب ضحيتها الأبرياء.. أولئك الذين لا علاقة لهم سوى أنهم مروا جوار مسرح الجريمة، أو تدخلوا بدافع نخوة وشهامة لفض نزاع، أو كانوا واسطة خير لحل مشكلة، فأصبحوا أحد ضحاياها، أو كانوا غافلين لا علاقة لهم بالأطراف المتصارعة.. هؤلاء هم الفئة التي يصفها العرب أنهم قُتلوا ب"دم بارد".. لست محققا جنائيا.. ولا محاميا.. في القضايا الجنائية أو حوادث القتل، أتمثل التوجيه النبوي الكريم "قل خيرا أو اصمت".. لو مارست هذا الدور لقلت لا أظن الطالب كان يقصد قتل المعلم، بالنظر لكون مكان الإصابة المستهدف كان طعنة في الفخذ، هي أشياء أخرى ربما أسهمت في حدوث الوفاة، ربما كان تأخر إسعاف المصاب، أو عدم حصوله على تدخل جراحي عاجل. على أي حال، أنا عبّرت عن حزني وألمي.. وهو اعتداء مرفوض بتاتا، ويجب أن ينال الجاني عقابه.. لكن هذه القضية تعيد "المعلم" للواجهة من جديد.. المعلم في السعودية وإن كان يحظى بمميزات مالية جيدة، المعلم يحتل المرتبة الأولى ضمن موظفي وزارة الخدمة المدنية - إلا أنه رغم ذلك كله ما يزال بعيدا عن اهتمام وزارته. يكفي كي تدرك ذلك أن تعلم - وهذا مثال شارد - أن شريحة المعلمين والمعلمات التي تضاهي بقية الشرائح العسكرية عددا، ما يزالون دون مستشفى مرجعي يعالجهم.. "هيبة المعلم" ليست مفقودة لدى الطالب فحسب، هو ليس له قيمة تذكر لدى وزارته قبل كل شيء.. يتعاملون معه كموظف هامشي. من هنا لعل وزارة التربية والتعليم تراجع علاقتها مع معلميها وتخضعها للتقييم. طبعا بعد عودة سمو وزير التربية من إجازته.