من المؤكد أن وزير الزراعة قد نكأ جرحا، حينما قال أمس الأول، إن السعودية لم تحقق اكتفاء غذائيا ذاتيا سوى في البيض. الحقيقة أن الوزير بدا وكأنه يبث شكواه من فوبيا الماء، التي طوحت بالحماس الكبير الذي انتابنا خلال ثمانينيات القرن الماضي وأسفر عنه اكتفاء ذاتي في القمح، لكن سرعان ما دق جرس الخطر من نقص الماء، فكان أن تراجع الحماس، وعدنا مرة أخرى للاستيراد. لكن واقع الحال أن العين الحمراء التي تفتحت على القمح، أفضت إلى عدم تقليص الهدر، مع استمرار زراعات أخرى تستنزف الماء مثل الأعلاف. وأعرف أن فوبيا الماء، دفعت عددا من المتحمسين، وعلى رأسهم الدكتور محمد القنيبط إلى الدعوة إلى التخلص من كل مسببات الهدر المائي، بما في ذلك مزارع الألبان التي تجعل لتر اللبن - حسب الإحصائيات- يستنزف ثمانية لترات من الماء. حكاية الماء، وحكاية الزراعة، جعلت مشروعات الاكتفاء الذاتي تتراجع إلى مجرد بيضة. لكن أحدا لم يحاول البحث عن حلول أجدى تؤدي لتقليص النزف المائي فعلا من خلال تقنيات الزراعة الحديثة، وتعيد لنا بعض الاكتفاء الغذائي الذاتي. لقد انطلقت جدلية البيضة، وهي كرة ثلج تدحرجت منذ عشرات السنين، وكانت الجدلية تأخذ طرفين متناقضين. فالعين التي على الماء تحارب الزراعة، والعين التي تنحاز للزراعة تلوم تطرف الماء. ولا تزال الحكاية مستمرة.