مع تطور وسائل الاتصال وتحول العالم إلى "فندق" وليس مجرد "قرية" وهو المسمى الذي سبق أن أطلقته على ما يدور حولنا من طفرة اتصالية غير مسبوقة، جعلت من شخص يتفاعل على سبيل المثال مع صورة على حساب الانستغرام وهو يقبع في أقصى الشرق والآخر في أقصى الغرب من العالم ويكون بينهم لغة تفاهم مشتركة، وكذلك الحال ينطبق على وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة. ولكن ما هو الخطر الحقيقي لهذا التطور الاعلامي على امننا ووطننا، كيف يمكن ان يصبح الاعتقاد الكامل والمطلق بقناة فضائية معينة وسيلة للتأثير على فكر هذا المعتقد، وكيف يمكن ان تؤثر عليه ايدلوجيا وبشكل سحري ومخيف في الوقت نفسه، كيف اصبحت العاطفة يتم التلاعب فيها بصورة حساسة من البعض لتأليب الرأي العام وتحقيق اهداف هي اخطر بارهابها من مجرد عملية انتحارية نطاق ضررها محدود احيانا. البعض يستغرب التحذير من بعض الفضائيات ويعتبر الامر مبالغاً فيه، ووصل الامر ان يتحول التأثير الفكري ان يصبح هناك تعصب مخيف وغريب لقنوات معينة، لمجرد ان المؤثرين عليهم يطلبون هذا الامر، فتندهش بالفعل من "التغرير" الحاصل حاليا من بعض الفضائيات ومحاولتها التلاعب بعواطف البسطاء، ومن ثم تحقيق اهدافها في زيادة الاحتقان والفرقة، وحسنا فعلت السلطات المصرية بحملتها القوية باغلاقها مكتب وكالة الاناضول التركية وايضا قناة الميادين وايضا ما تقوم به ضد قنوات الجزيرة وخصوصاً تلك الخاصة بمصر. الأمن القومي لأي بلد هو خط أحمر، لا يمكن التلاعب به حتى عبر احدث الوسائل الاعلامية والتي يمكنها بطرق اختراق بعض الخطوط أحياناً، وما تم مؤخراً من القبض على اثنين من الارهابيين بالسعودية الا دليل على ذلك بعد كشف استغلالهم "تويتر" لتحقيق أهداف إرهابية لاتخفى على الجميع. مجرد تمرير البعض للكثير من الرسائل المعروفة أهدافها عبر الواتس اب والفيس بوك وغيرهما، هو عملية تغرير منظمة ومعروف أهدافها، ولكن خطرها الأكبر أن البعض يتناولها حسب ثقافته وتوجهه، فينعكس تأثيرها السلبي على من حوله، وهنا يتحقق الهدف الرئيسي من القائمين على هذه الحملات الإعلامية المتنوعة. نحن الآن أمام إرهاب فكري أكثر مما مضى، لم يعد الغزو الغربي الذي كنا نسمع به قبل عشرات السنوات هو الخطر، عندما كان التحذير وبسذاجة من خطر غزو أفلام الجنس وغيرها، الأمر اصبح اخطر كثيرا لأن سهولة التغرير واردة، في ظل تطور الوسائل، فبعد أن كانت مشاهدة بعض الافلام واللقطات مؤثرة على بعض شبابنا للبحث عن الجهاد وقتال المشركين في السابق. الآن الأمر أخطر على الجبهة الداخلية، ومن هذا المنطلق نحتاج الكثير لمحاربة الخطر الأقوى والمتمثل بالتغرير الإرهابي!.