عندما يقال: "فلان ذكي" فإننا نفهم من ذلك بأنه نبيه وفطن وسريع البديهة.. ولكن ما هو يا ترى المقصود بالقول "مدينة ذكية" وكيف يمكن أن تكون مدينة ما ذكية أو غير ذكية؟ أذكر وأنا في الجامعة في منتصف الثمانينات أننا درسنا علماً يسمى "الذكاء الاصطناعي" ويقصد به "دراسة توجيه الحاسب لأداء أشياء يؤديها الإنسان بطريقة أفضل، ويهدف إلى بناء أجهزة قادرة على القيام بالمهام التي تتطلب الذكاء البشري. اليوم تطور كل ذلك واتسع ليشمل مدناً متطورة تتنافس فيما بينها لاكتساب سمة "الذكاء"، ومن أمثلتها هامبورج وبرشلونة وأمستردام وغيرها. ورغم ان هذا "الذكاء" شديد الارتباط ببُنى الاتصالات التحتية والتكنولوجيا الرقمية، إلا أنه يتضمن أكثر من ذلك، حيث توجد ستة عناصر أو سمات أساسية للمدن الذكية وهي: -الاقتصاد الذكي: ومنه تشجيعها للابتكار والريادة والإنتاجية. -الحركة الذكية: وتشمل البنية التحتية الذكية للنقل العام والاتصالات. -البيئة الذكية: وتضمن الحماية من التلوث وإدارة الموارد الإقتصادية. -الإنسان الذكي: ويعنى بالإستثمار في بناء الانسان. -الحياة الذكية: وتشمل الثقافة والصحة والإسكان والأمن. -الحوكمة الذكية: ومنها الخدمات العامة والشفافية. أما أين نحن من كل ذلك؟ فإجابتي هي أني أشعر بتفاؤل كبير بأن منطقة مكةالمكرمة تسير بخطى ثابتة نحو بناء كثير من تلك العناصر الأساسية للمدن الذكية. فبالنظر إلى عناصر الرؤية التنموية للمنطقة والتي وضعها الأمير خالد الفيصل -والقائمة على مفهوم بناء الإنسان وتنمية المكان- وما حققته من مشاريع ضخمة منجزة أو تحت الإنجاز، فإننا نجدها جميعها تسير بتناغم مع مفهوم المدن الذكية التي تأخذ سمة التوازن والاستدامة. ومن ذلك على سبيل المثال مشروع النقل العام للقطارات والحافلات، وملتقيات الشباب، ومشاريع الصرف الصحي، ودرء أخطار السيول، وتجفيف بحيرة الصرف الصحي ، ومعالجة العشوائيات، وأنظمة الحكومة الإلكترونية. كل ذلك يتم بشفافية كبيرة شملت إقامة معارض متنقلة للتعريف بالمشاريع، وأنشطة منتدى المدن الذكية تحت شعار "تطبيقات لمنطقة مكةالمكرمة"، ومناقشة "الرؤية التنموية" مع الاعلام وأعضاء مجلس الشورى. المجال يطول في الحديث عن تلك المشاريع التي أصبحت جلية ومرئية وخرج كثير منها عن حيز الورق الى أرض الواقع بشكل تراه وتلمسه كل عين منصفة، ويحتاج الآخر لقليل من الصبر لرؤيته.. المهم أن العروس اليوم لم تعد جميلة فحسب، بل تتقد ذكاءً أيضا.