كان من واجب المحكمة الجزئية في محافظة القطيف أن ترفق حكمها، الذي قضت فيه بحبس وجلد رجل قام بصفع زوجته على وجهها، بعبارة تؤكد على أن الحكم على ما يبدو فيه من قسوة إنما هو «جزاء له وردع لأمثاله»، وكان من واجبها كذلك أن ترفق حكمها بتمكين الزوجة من حضور حكم الجلد بحق زوجها بعبارة أخرى تؤكد على أن من حق الزوجات أن يشهدن عقاب أزواجهن الذين تعمدوا الإساءة إليهن ومعاملتهن معاملة لا تليق بهن، ولا بالقيم الإنسانية التي ينبغي أن تنبني عليها العلاقات الزوجية. لم يكن حكم المحكمة الجزئية بحبس ذلك الزوج عشرة أيام وجلده ثلاثين جلدة لصفعه زوجته على وجهها حكم قصاص؛ ذلك أنه لو كان قصاصا لمكنت المحكمة زوجته من إعادة الصفعة له، بل كان حكم تعزير وذلك أقرب للعدل؛ ذلك أن الصفعة التي تلقتها الزوجة لم تكن في واقع الأمر غير خاتمة لتعسف الزوج الذي لم يعد بإمكان الزوجة أن تستحمله فلجأت إلى القضاء طلبا للإنصاف فكان القضاء خير منصف لها. وإذا كانت أحكام التعزير تخضع لتقدير القاضي الذي ينظر القضية لحجم الجرم، والنظر في العقاب الذي يستدعيه ذلك الجرم، فإن الحكم الذي أصدره قاضي المحكمة الجزئية في القطيف لا يمكن له أن يشكل قاعدة لعقاب كل زوج يتعدى على زوجته، ويقوم بصفعها على وجهها، ولربما لو عرضت هذه القضية على قاض آخر لرأى في الأمر غير ما رآه قاضي محكمة القطيف ولربما اكتفى بلوم الزوج والتأكيد على الزوجة بطاعة زوجها، وعدم استثارته على نحو يضطر معه إلى صفعها لتأديبها. قضايا سوء معاملة الأزواج لزوجاتهم وكل ما يمارسونه من تعنيف لهن تملأ أجندات المحاكم القضائية، والأحكام التي صدرت كما الأحكام التي سوف تصدر تتفاوت من محكمة إلى محكمة، وتختلف من قاض إلى قاض، وهو الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى وجود مدونة قضائية إن لم تشكل توحيدا للأحكام فإنها على الأقل تحقق تقريبا بينها.