أليس الواجب الأساسي للدعاة والمشايخ هو إصلاح أخطاء الشباب وتقويم انحرافهم، أم أن الهدف هو معاداتهم ومحاربتهم وتجييش الأتباع ضدهم ؟ د. سعود كاتب - المدينة السعودية عندما قال عضو مجلس الشورى القاضي الدكتور عيسى الغيث بأنه فقد الثقة بكثير من الدعاة وبأن حضورهم أصبح سلبياً ويفتقد إلى الشجاعة فانه بقوله هذا لا يتحدث فقط عن نفسه ولكنه يتحدث أيضا باسم شريحة من المجتمع لاينبغي تجاهلها، وبشكل خاص شريحة الشباب والشابات الذين يبدو أن أولئك الدعاة فقدوا بشكل كبير البوصلة التي تتجه إليهم، بل أنهم أصبحوا يسيرون في خط مختلف تسبب في تنفيرهم وخلق فجوة كبيرة معهم تجاوزت درجة النفور إلى حد زلزلة ثقتهم بكل ما يقوله ويفعله أؤلئك الدعاة الذين أصبحوا بهذا الوضع جزءا من المشكلة بدلاً من أن يكونوا جزءاً من الحل. أدرك تماماً بأن كلامي هذا سوف يثير استياء البعض ممن سيعتبرونه نقداً لدعاة ومشايخ «أفاضل» ووقوفاً في صف شباب وشابات «خطائين» و»منحرفين». وسؤالي لهؤلاء هو: أليس الواجب الأساسي للدعاة والمشايخ هو إصلاح أخطاء الشباب وتقويم انحرافهم، أم أن الهدف هو معاداتهم ومحاربتهم وتجييش الأتباع ضدهم وتحويل الدعوة من ساحة استمالة وترغيب إلى ساحة حرب وترهيب؟ كيف يتوقع هؤلاء الدعاة من شباب العولمة والمعلومات أن يستجيبوا لهم وهم يخاطبونهم بلغة إما أنهم لا يفهمونها أو أنهم يرفضونها، كلغة الوعيد والشتائم والاستعداء؟.. بل كيف يتوقعون منهم الاستجابة وهم لا يجدون في بعض منهم -وهم للأسف الأبرز اعلامياً- قدوة حسنة لهم؟.. دعاة جمع بعضهم آلاف الأتباع.. أتباعاً هم دون مبالغة الأكثر استخداماً للعبارات البذيئة ولغة الشتائم على شبكات التواصل الاجتماعي. كيف يتوقعون منهم الاستجابة وهم يسمعون من بعضهم كل حين فتاوى وآراء وأفعالاً لاتمت للواقع أو للعقل أو للنزاهة بصلة، فذاك أحدهم يدعو إلى ممارسة الغلظة وقتل الأسرى من الأطفال والنساء، وذاك آخر يطالب بتغطية الطفلة المشتهاة، وآخر ينصح بعدم خلوة البنت بأبيها، وأخيراً وليس آخراً ما تناقلته بتندر وتهكم العديد من وسائل الاعلام العربية والغربية عن قيام محتسبين بإبعاد 3 شباب عرب من مهرجان الجنادرية بسبب «وسامتهم» خشية فتنة النساء، ناهيك عن حالات تزوير لصكوك يصل بعضها لمئات الملايين من الريالات.. أو دعوات للزهد دون تطبيقه على النفس. أتفق تماماً مع الدكتور الغيث بأن الناس يريدون من الدعاة ورجال الشريعة أن يحبوهم ويرأفوا بهم ويحسنوا بهم الظن لا أن يجلدوهم بسياط التوبيخ والوعيد والتهديد والشتم والتشهير واتهام من لا يروق لهم بالعلمنة واللبرلة والكفر والتغريب، وتصنيف من ليس معهم بأنه ضدهم.. والأهم عليهم أن يكونوا قبل كل شيء قدوة في الصلاح والزهد والبعد عن أسلوب التآمر والمكائد والدسائس.