بعد أحداث "الخصوص" بمحافظة القليوبية شمال العاصمة المصرية، وأحداث "كاتدرائية" العباسية في القاهرة 7/4/2013م عاد الحديث مجددًا عن "الطائفية"، وتم اختطاف الحدث وتوظيفه بانتهازية كالعادة. بدأت النخبة تَجتَرُّ ذات "الاسطوانة المشروخة"، وتعلق "الطائفية" على "الخطاب الديني" الذي تنتجه القوى الوطنية الإسلامية و"التهميش" و"الإقصاء" اللذَينِ تمارسهما الدولة على النصارى! تتحول دماء المصريين -مسلمين أو مسيحيين- إلى مادة للثرثرة على الفضائيات، وإلى أدوات تعذيب ليلية لجلد المسلمين المصريين تحديدًا، واتهامهم ب"التطرف" و"الظلامية"، وإلى أداة سياسية باطشة؛ لإيذاء السلطة وإيلامها وتصفية الحسابات السياسية والأيديولوجية معها. إن "الطائفية" تقدم في "خطاب النخبة" بوصفها "صناعة شعب" بشقيه "المسلم" و"النصراني"، أو "مؤامرة سلطة"، أو منتَجًا ل"دعاة الكراهية" من السياسيين الإسلاميين، وهذا ليس استسهالاً للأمر، وإنما هو نوع من الانتهازية السياسية التي تضع مصلحة الجماعات السياسية فوق مصلحة البلاد والعباد. كل "حوادث العنف" التي وقعت بين مسلمين ونصارى، وسقط فيها ضحايا أو أُضيرت مؤسسات عبادة أو غيرها، هي في توصيفها الطبيعي " قضية جنائية"، وحلها ليس ب"الثرثرة" و"الفذلكة" أمام الكاميرات، وإنما بإعمال القانون، وتقديم الجناة إلى القضاء، وأن يقول الأخير كلمته، ويعاقب "الجاني" أيًّا كانت هويته الدينية؛ مسلمًا كان أو نصرانيًّا، داعيةً إسلاميًّا، أو قسًّا بالكنيسة، لا فرق أمام القانون بين "شيخ الأزهر"، و"بابا الكاتدرائية". المسألة لا تتعلق بالتحليل السياسي والاجتماعي، ولا بالخوض في "اللاهوت المسيحي" أو "العقيدة الإسلامية"، ولا بالانحياز الإعلامي لهذا الطرف على حساب الطرف الآخر، وعلى حساب الحقائق على الأرض التي تنظر فيها سلطات التحقيق الرسمية، فمثل هذا المنحى هو الذي يصنع الأزمات الطائفية، ويزينها في عقول المرضى، وفي عيون العواصمالغربية التي تتحسس من مثل هذه الحوادث، وتترجمها إلى صورة نمطية تقدم "المسلم" في صورة "الإرهابي"، وتجعل من "مصر" بلدًا يَعتدي على حقوق الأقليات الدينية. المسألة هي في فحواها ومضمونها الحقيقي "جريمة" يعاقب عليها القانون، وليست مادة لممارسة ما يسمى ب"حرية الرأي"، فلا يمكن بحال اعتبار "الجرائم الجنائية" موضعًا ل"حرية رأي"، فمكان الجرائم ليس الفضائيات، وإنما النيابات والمحاكم لمعاقبة الجاني. غياب القانون والعدالة، أو ضياع الحقوق بزعم "مشاع الجريمة"، أو أن يصبح القانون "انتقائيًّا"، أو غياب الدولة في المجمل؛ يجعل كل شيء مباحًا، حتى القتل وحرق دور العبادة والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة. "الطائفية" موجودة فقط في عقول "النخبة"، وهي صناعة "نخبة انتهازية" بامتياز، وعلى الدولة بكل أدواتها الأمنية والقضائية أن تتحمل مسئولية وَأْدها من خلال تطبيق القانون بصرامة على الجميع.