هناك مؤشرات واضحة لتنامي حالة العنصرية في الخطاب المحلي سواءً كان ذلك إعلامياً أو ثقافياً، يتعلق أساساً بالنظرة الدونية إلى أطراف أو جماعات محددة، ويؤدي ذلك لشرعنة التمييز ضد هذه الفئات بما ينتهي إلى احتراب داخلي بين مكونات المجتمع الواحد وبما يهدد وحدته. تعرف العنصرية بأنها الاعتقاد بوجود فروق وعناصر موروثة بطبائع الناس وقدراتهم وعزوها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما -بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق- وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف اجتماعياً وقانونياً. وبصورة تلقائية ينتج تبعاً للعنصرية تمييز غير مستنكر في المجتمع يتمظهر في ممارسات يتم من خلالها معاملة مجموعة معينة من البشر بشكل مختلف، ويتم تبرير هذا التمييز بالمعاملة باللجوء للتعميمات المبنية على الصور النمطية وإلى تلفيقات غير علمية. عندما نتحدث عن مجتمعنا المحلي في مقابل المجتمعات الأخرى، نلمس دوما بأن خطابنا المحلي يتعاطى مع هذه المقارنة بشيء من الفوقية والتعالي تجاه المجتمعات الأخرى، بصورة تنعكس في النظرة إلى الذات مقابل الآخر، والانتقاص من أبناء المجتمعات الأخرى. يمكن أن يكون هذا المثل حاضراً في النظرة للعمال الأجانب والمقيمين في المملكة، ليس بصفتهم أكفاء ونظراء بل بأنهم أجراء أقل مكانة ولا ينالون ذات التقدير والاحترام كما المواطن. وحتى على الصعيد المحلي فإن النظرة لبعض المواطنين أيضا تشوبها حالة من العنصرية التي تكون أحياناً ظاهرة وأحيانا أخرى مبطنة، كما هو الحال بالنسبة للمجنسين أو من ذوي الأصول الإفريقية أو الآسيوية الذين استوطنوا هذه البلاد لعقود طويلة. ينطبق ذلك أيضاً في الخطاب المحلي على المختلفين مذهبياً، بحيث يوصمون في كثير من الأحيان بأصناف من التهكم والازدراء والنظرة الدونية، وتكريس صور نمطية سلبية عن هذه الفئات تجعل من ممارسة التمييز ضدها أمراً طبيعياً ومقبولاً. المرأة في كثير من الأحيان يتناولها الخطاب المحلي -الثقافي والإعلامي- بتكريس صورة نمطية سلبية عنها يجعلها خاضعة للتمييز من قبل الرجل وخاصة في تأكيد ضعف قدراتها، وغلبة حالتها العاطفية، وعدم ملاءمتها للعمل أو المشاركة في الشأن العام . كل هذه الأنماط من العنصرية وغيرها كالمناطقية والقبلية متكرسة في الخطاب المحلي الذي هو في حاجة إلى تحليل ودراسة موضوعية لمعرفة مدى تغلغل هذه الحالة فيه، وكذلك حجم الآثار الاجتماعية والثقافية والسياسية السلبية التي تفرزها بين مكونات المجتمع المحلي المتنوعة. لا شك أن هذا الموضوع من القضايا البالغة الأهمية والخطورة على تماسك المجتمع ووحدته، ولذا فإنه ينبغي التصدي لجميع حالات العنصرية على أي مستوى وبأية صورة تكون، من أجل الحد من تأثيراتها ونتائجها السلبية على وحدة الوطن.