لعلي أستأذن المؤلف الإماراتي البارز د. جمال السويدي في اقتباس جزء من عنوان مؤلفه: وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التحولات المستقبلية: من القبيلة إلى الفيس بوك لأشاركه واشارك القراء الكرام هم الواقع والمستقبل المترع بالمصاعب والتحديات ولعلي أتساءل من أين نبدأ في تشخيص هذا الواقع الجديد المتجدد الذي صنع رجاله وأسرته وقبائله في فضاء افتراضي يصرف الإنسان جزءا كبيرا من وقته للتواصل معهم على حساب تواصل حقيقي واقعي ما يشكل حالة من الاغتراب الإليكتروني صنع تأثيرات نفسية واجتماعية واقتصادية بالغة التأثير. إن صح التعبير كل ذلك وأكثر يحتم باستمرار قراءة واقع شبكات التواصل الاجتماعي وبحث إمكانية استقراء المستقبل وإن كانت مهمة بالغة الصعوبة إن لم تكن مستحيلة نظراً لسباق الابتكارات المحموم والذي ما فتئت شركات التقنية تطرح جديد ابتكاراتها ولعل من أواخر تلك الابتكارات نظارة جوجل والتي تتيح تصفح البريد من خلال الأوامر الصوتية في ذات النظارة كل ذلك وأكثر يجعلنا في مواجهة مفتوحة مع المستقبل. في خطاب الرئيس الأمريكي بارك أوباما في 25 يناير 2011 أشار بالقول: نحن أمة من الفيس بوك وجوجل في إشارة إلى حصول المجتمع الأمريكي للمعلومة من جوجل والتواصل عبر فيسبوك وهو ما يعطي دلالة حول مستقبل شبكات التواصل الاجتماعي وكيف يجب أن توظف. تشير الإحصاءات الى أن مواقع التواصل الاجتماعي تحظى بارتفاع كبير في عدد مستخدميها في تويتر على سبيل المثال بلغت نسبة الزيادة في عدد مستخدميه 40% خلال العام الماضي حيث بلغ عدد مستخدميه 982 مليون مستخدم حول العالم وفي العالم العربي بلغ عدد مستخدمي تويتر العرب النشيطين 2.1 مليون مستخدم يغردون ما يقارب 5.75 ملايين تغريدة يوميا بينما يبلغ عدد مستخدمي فيس بوك في العالم قرابة مليار ونصف المليار مستخدم تقريباً محققين 1.13 ترليون إعجاب و 140 مليار صداقة إضافة إلى تحميلهم 219 مليار صورة. ما يهمنا الآن قراءة ذات الواقع الذي تتبلور انعكاساته سلباً وإيجاباً في مختلف المجالات، فاقتصادياً تبلغ المداخيل المالية من مواقع التواصل الاجتماعي في الولاياتالمتحدة بمفردها 16 مليار دولار وتبلغ إجمالي مداخيل التجارة الإليكترونية قرابة ترليون وثلاثة مئة مليار دولار بحسب تقديرات مكنزي وهو ما يوضح الأثر الاقتصاي الكبير لمثل مواقع التواصل الاجتماعي متى وظفت بكفاءة. اجتماعياً سيكون سيل التأثير بالغ الصعوبة في صياغة عقول الشباب والمحافظة على الروابط الاجتماعية والأسرية والقيم وسيتم صياغتها في مواقع التواصل الاجتماعي ما يقلل من دور الأسر في التربية وهو يجعل فكر الوصايا في التربية على المحك ويقع مستقبل الأجيال في خطر محدق فضلا عن سيل التأثيرات السلبية التي تخلفها مواقع التواصل الاجتماعي إثر الانفتاح اللامتناهي على الفضاء والأفكار ما يحتم بحث سبل تحقيق الرقابة العامة والذاتية للأفراد وبالطبع التأثيرات الإيجابية إن أحسنت استخدامها. سيكون المستقبل بالغ الصعوبة في ظل انفتاح المواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي أمام الدول المعادية وأجهزت استخباراتها ما يجعل إمكانية قيام حروب عن بعد قابلة للتحقق في أي وقت. ثقافياً قد يحدث الكثير من التأثيرات السالبة كشحن العقول بنزعات طائفية إضافة إلى مخاطر أخرى تتعلق بالجرائم الإليكترونية والقذف والتشهير بأسماء مستعارة وغيرها. في ظل المعطيات السابقة يجب إعادة قراءة واقع مواقع التواصل الاجتماعي وفتح آفاق الحوار حيالها وحيال ما يمكن الاستفادة منها في مختلف المجالات وقياس توجهات الرأي بما يحقق بعض الغايات الإيجابية للوطن والمواطن في ظل المفاهيم التي ساهمت مثل هذه الشبكات في صياغتها بعضها.