شعرت أمس بسعادة غامرة، وأنا أقرأ إعلانا على صفحة كاملة في إحدى الصحف صادر من وزارة العدل يشير إلى أن أكثر من 100 محكمة تقبل تقديم الدعاوى الإلكترونية. وكان الإعلان يسرد أسماء تلك المحاكم، لكن ملاحظة أخيرة جاءت في نهاية الإعلان استوقفتني كثيرا، تقول الملاحظة وأنا هنا أنقلها حرفيا: "بعد تسجيل الدعوى، فإنه يجب على مقدم الدعوى، طباعتها وتوقيعها ومن ثم تقديمها للمحكمة المختصة". أعدت القراءة مرة ثانية وثالثة لأتأكد، عدت مرة أخرى إلى بداية الإعلان الذي تتصدره مقدمة ضافية تقول "في إطار المنجز التقني لحوسبة القطاعات العدلية، بهدف تسهيل الإجراءات وتسريعها.. تعلن وزارة العدل عن توفر خدمة تقديم: الدعوى القضائية عبر بوابة الوزارة الإلكترونية التي تمكن لمقدم الدعوى تسجيل البيانات المطلوبة". إذن البوابة الإلكترونية هدفها إعفاؤنا من كتاب المعاريض على أبواب المحكمة، وليست إلكترونية بالمعنى الحقيقي الذي يعني تسجيل الدعوى وتسلمها إلكترونيا وتحديد موعد للحضور للمحكمة لمتابعة القضية. هذا هو المعنى الأبسط للبوابة الإلكترونية، أما ما عدا ذلك فيبقى مجرد إعلان هدفه تحسين الصورة والإيحاء بأن مشروع تطوير مرفق القضاء يحقق ما يتطلع إليه الملك يحفظه الله من خلال إطلاقه مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء. إن البوابة الإلكترونية لوزارة العدل، ووفقا للإعلان المبالغ فيه، لم تقدم أي إضافة إلكترونية حقيقية. وأظن أن من صاغ الإعلان أراد أن يوهم المسؤولين في العدل قبل أن يوهمنا بأن هناك إنجازا كبيرا، لكن من لديه حد أدنى من الإلمام بالنقلات الكبرى التي تشهدها مشاريع الحكومة الإلكترونية يدرك أن هذا الأمر لا يستحق هذا التنويه المبالغ فيه. والمؤكد أن وزارة الداخلية الأحوال المدنية مثلا تجاوزت بوابة وزارة العدل الإلكترونية بمراحل كثيرة.