جمال الحوارات يكمن بقدرة المحاور على كشف الشخصية كما هي وكيف تفكر، وما هي الأفكار التي يؤمن بها الضيف دون تلميع أو تشويه الشخصية، ليترك القارئ يكتشف الشخصية التي تم حوارها، وإن لم يستطع بعض القراء التقاط هذه الأمور، فهذه ليست مشكلة المحاور، بل مشكلة القارئ. وهذا ما فعله محاور جريدة «عكاظ» «محمد العنزي» مع ضيفه رئيس جمعية حقوق الإنسان السعودية الدكتور «مفلح القحطاني»، فمن خلال أسئلته المهمة والمنطقية أوصل «القحطاني» لأن يعترف قائلا «العمل في الجمعيات والمنظمات الحقوقية والإنسانية يعتمد على العنصر البشري، وكلما كان هذا العنصر يتمتع بالكفاءة فإن نجاح المنشأة متوقع، والكفاءة لا تأتي إلا بحسن الاختيار ثم التدريب والرغبة من قبل المتدرب في تحقيق النجاح، والعاملون في الفروع لا نشك أن عندهم الرغبة في تحقيق النجاح». هذه الإجابة ورطت «رئيس الجمعية»، إذ حاصره «العنزي» بسؤال منطقي مولود من الإجابة، إذ سأله: «أيعني هذا الرد اعترافا ضمنيا بوجود تقصير؟». فبدا السؤال مربكا للضيف لأن الإجابة مرتبكة، وهذا ما دفع «عكاظ» لوضع اعترافه عنوانا رئيسيا: «لسنا بدلاء لأحد.. وبعض الموظفين يفتقدون الحس الإنساني»، ولكن هل بعض الموظفين وحدهم يجهلون الدور الإنساني للحقوقي؟ يخيل لي ولأن الرئيس ما زال يصر على وقوفه مع رجال الأعمال، ويدعمهم حتى لا تهبط نسبة أرباحهم قليلا، يرى أن دعم حق العمل لفئة من المواطنين وهم قلة كما يقول الرئيس من خلال توظيفهم في القطاع الخاص عن طريق رفع كلفة العامل الوافد على أرباب العمل «أي التجار» قرار سلبي. وينسى أو لا يعرف أن مهمة الحقوقي أن يقف مع الأقليات؛ لأن الغالبية عادة وفي كل المجتمعات تضطهدهم، كذلك الحقوقي يعرف أن الأغنياء لا يحتاجون مساعدة من حقوق الإنسان لأخذ حقوقهم من الفقراء، فهم يفرضون شروطهم على الفقراء وربما يضطهدونهم. لهذا أتمنى إن كان هناك دورة لرفع الحس الإنساني لدى موظفي حقوق الإنسان، أن يذهب الرئيس معهم، فهو يحتاجها أيضا.