قد يسأل سائل: وما دخل ضعف أداء الأجهزة الحكومية في مسائل متعلقة بحقوق الإنسان؟ وأجيب بأن ذلك من صميم حقوق الإنسان. ولهذا سعدت أمس وأنا أقرأ خبراً قصيراً كتبه زميلنا عبده الأسمري عنوانه: «وزارات الدولة تدرس تقريراً لحقوق الإنسان ينتقد التبلّد الإداري لدى القيادات». جاء في الخبر أن جمعية حقوق الإنسان أصدرت تقريراً يوضح وجود ضعف في الكفاءات الإدارية والأجهزة الحكومية ما تسبب في ضعف مؤشر الأداء. ونقلاً عن رئيس الجمعية، د. مفلح القحطاني فإن الجمعية «ستواصل رصد الشكاوى، مضيفاً أن الجمعية طالبت بإيجاد ضوابط واضحة لاختيار القيادات في الأجهزة الحكومية تبنى على أساس السيرة الذاتية للمرشح أو المقابلة الشخصية والخطة المستقبلية التي سيقدمها، وملاحظة ضعف الكفاءة الإدارية والتبلد الإداري وغياب الحس الحقوقي والإنساني عند بعض القائمين على الأجهزة، وبيّن أن الجمعية انتقدت المحسوبية والوساطة في تعيين بعض القيادات، ورصدت تهميش بعض المديرين للمتميزين من موظفيهم، لأسباب غير موضوعية». كل ما آمله، هنا، أن تستمر الجمعية في متابعة هذا التقرير لأهميته للتنمية. فتغييب الكفاءات الإدارية المؤهلة عن المواقع القيادية لا يهمشها فقط، ولكنه أيضاً يعطي الفرصة لغير المؤهل مما يزيد من تخلف المؤسسة التي يعمل بها ويؤثر بالتالي سلباً على التنمية الوطنية. إن التأهيل والكفاءة لا بد أن يكونا أهم المعايير لاختيار الشخصيات القيادية في أي مؤسسة. ومن هنا فإننا نأمل من جمعية حقوق الإنسان أن تستمر في رصد ظاهرة احتكار المناصب القيادية وفق منظور إقليمي أو عائلي أو قبلي أو فئوي ضيق مما يعيق مشاريعنا الوطنية الكبرى في التنمية وتأصيل الوحدة الوطنية. لا يمكن أن تتحقق تنمية عادلة ومتساوية في أي بلد تحتكر فيه المناصب على المنطقة أو القرية أو الفئة. وعقلية «هذا ولد عم وهذا ولد خال» في اختيار القيادات الإدارية في وزاراتنا ومؤسساتنا المختلفة تسيء لمشروعنا الوطني الكبير الذي ضحى من أجله أجدادنا من كل منطقة وقبيلة. بلادنا مليئة بالكفاءات الإدارية من كل مدينة وقرية. فلنعتمد مبدأ «تكافؤ الفرص» في اختيار القيادات الإدارية في مؤسسات الدولة وفق الكفاءة والتأهيل.