أسوأ ما يمكن أن يتعرض له بلد في الدنيا.. هو أن تبدأ فيه الاغتيالات.. والتصفيات للخصوم.. سواء كان هؤلاء خصوما سياسيين.. أو كانوا خصوما من نوع آخر، ومنها الاختلاف في المعتقد أو «المذهب» أو التفكير بشكل عام.. وما حدث في تونس للمعارض السياسي «شكري بلعيد» لا ينبئ بخير.. لا للبلد الشقيق تونس.. ولا للبلدان العربية الأخرى التي تعيش الآن ظروفا مشابهة.. وإذا صدق شيء من تلك التهديدات التي شاهدناها عبر القنوات الفضائية من قبل بعض من يسمون أنفسهم جهاديين في مصر العربية لخصومهم السياسيين التقليديين أو للمخالفين لهم في الفكر والتوجه، إذا صدقت تلك التهديدات الخطيرة المثيرة.. فإن المنطقة العربية تكون قد دخلت منعطفا جديدا لا يمكن إيقافه أو الحد منه بعد اليوم.. وبصرف النظر عن الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية كما يتردد في وسائل الإعلام لتأمين سلامة رئيس وأعضاء جبهة الإنقاذ، باعتبارها الخصم الداخلي الأقوى للسلطة في الوقت الراهن.. فإن السماح مجرد السماح لأولئك المتشددين بأن يتمادوا في إصدار فتاوى يطوعون بها نصوص كتاب الله.. وأحاديث رسول الله.. لخدمة أغراضهم.. فإن ذلك في حد ذاته جريمة.. وبهتان.. وتعدٍ على الكتاب والسنة.. وتجاوز على حقوق البشر في أن تكون لهم آراؤهم السياسية التي تتفق مع الموقف الذي يتخذونه لتحقيق ما يؤمنون به ويعتقدون.. ومع أن الدين شيء.. والسياسة شيء آخر؛ لأن الدين أعلى وأسمى وأطهر من أن نزج به في خصومات سياسية لا تلبث أن تزول في ظل أي جهد إيجابي بناء يبذله بعض الوسطاء بين الخصوم والفرقاء.. مع أن هذا غير ذاك.. إلا أن التوظيف لآيات الله.. وأحاديث رسوله الأمين.. لغير ما نزلت به وتوجهت إليه يشكل باطلا وجرأة على الحق.. نسأل الله لهم الهداية للإقلاع عنه والتوبة منه.. لكن الوضع بمجمله يتطلب عملا كبيرا تشترك الدول العربية والإسلامية الأبرز في القيام به لإنقاذ الأمة مما هو قادم.. ومخيف ويتطلب اتخاذ قرارات جادة وحاسمة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ضمير مستتر: كثير من المصائب تولد صغيرة.. ثم لا تلبث أن تكبر إذا لم يعرها العقلاء الأهمية التي تستحقها منذ البداية.