الصحافي الذي ظهر في المؤتمر الصحافي محاوراً مدرب الهلال بنفس المشجع المتعصب متناسياً كل قواعد المهنية يكشف الحالة المتردية للصحافة وضمور نموها واتكائها على فئات من المتعاونين هم أقرب إلى المرتزقة يدلفون إلى المهنة دون مهارات أو تدريب، وتستخدمهم الصحافة لتوفير النفقات وممارسة السلطة على الصحافيين والترويج للإثارة السريعة واستحلاب رضا الجماهير الرياضية تحديداً. كررت مراراً أن الصحافة والبنوك بدأتا متزامنتين تقريباً ومع ذلك نجحت البنوك في بناء صورة احترافية عالية عبر رفع مستوى العاملين فيها وبلورة ضوابط الخبرة والمعرفة إلى أن أصبح البنكيون السعوديون في الصف الأول عالمياً، بينما ظلت الصحافة عاجزة عن مغادرة بدايتها الأولى؛ يخرج منها جيش مرتزقة المتعاونين ليحتلها جيش آخر. أصبحت الصحف مثل المطارات ومحطات القطارات مجرد مكان عابر لناس عابرين، أما المهارات فهي آخر الاعتبارات. تلبست الصحافة، في كثير من الحالات، شروط الخدمة المدنية فأصبحت تراتبية مناصبها تقوم على الأقدمية بعيداً عن أي اعتبارات مهنية، وماتزال بعض الصحف تضم بين طواقهما أفراداً أمضوا عقوداً فيها باعتبارهم من الصحافيين بينما يعجز أحدهم عن تحرير خبر صغير إن غاب محرِّرُ الصياغة الذي يطمس الصحيفة بنكهة واحدة مملة وباردة. في بعض الصحف، تزدحم أقسام المحليات والرياضة بهذه النوعية الهجينة من المتدافعين إلى الصحافة، وتعاني أقسام الاقتصاد من المنتفعين والمروِّجِين للدعايات، وتفتقد صفحات السياسة أي خبرات فعلية حتى ليعجز المرء في التفريق بين صحيفة يومية ونشرة دعائية لولا الاسم. «الاقتصادية» تعاملت بفاعلية مهنية مع الحادثة، إلا أن المشكلة أن التجارب الناجحة فردية تنتهي بذهاب القائمين عليها فتعاود الصحافة سيرتها الأولى.