هناك من يتهم المملكة من خارجها بأنها تصدر فكرها إلى الدول المجاورة كي تطبع الجميع بطابعها الديني.. وبثقافتها القرآنية. والاتهام في حد ذاته سخيف.. ومتهافت (!) المملكة ومنذ البدء لا تعد دولة دينية بمقاييس العصر التي تقسم الدول إلى نوعين دينية ومدنية.. وأما نحن فإننا نفخر ونعتز بأننا دولة حضارية.. ترتكز إلى عقيدة إيمانية صافية وصحيحة وغير كل الذي نراه ونسمعه ونلمسه بكل تأكيد وتأخذ بكل أسباب الحياة المدنية المتفقة مع منهجها القويم. والمملكة دولة تعتمد في منهاجيتها وفكرها وممارستها الحياتية اليومية على أسس وقواعد وأنظمة تسهم في إعمار الكون والارتقاء بحياة الإنسان ولا تعطل قدراته العقلية أبدا. والمملكة أيضا لم تبتكر لنفسها مذهبا كما يدعي المرجفون عندما ينظرون إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب على أنه صاحب مذهب مستقل وليس داعية ومجددا. ورغم كل هذا فإن الزعم بأننا «وهابيون» وبالتالي فإن بعض من يجتهدون من أبناء هذه البلاد في أحاديثهم عبر القنوات الفضائية أو يذهبون إلى بعض الدول العربية للخطابة بأنهم يصدرون في ذلك عن توجيه الحكومة لهم وطلبها إليهم بث تلك الدعوة في كل الأرجاء، هذا الزعم باطل من أساسه لأن ما يقوم به هؤلاء من اجتهادات لا يمثلنا.. لا كبلد ولا كشعب، وبالتأكيد فإنه لا يمثل دولتنا ولا يعبر عن منهجنا الصحيح بقدر ما يعكس مجرد اجتهادات شخصية أنا أرى أنها خاطئة وغير موفقة بل وغير مطلوبة. ولعل أبسط ما يمكن أن توصف به تلك الاجتهادات بأنها «فرقعات» إعلامية استعراضية غير صائبة لأنها تقع في خلط فادح عندما تمزج السياسة بالدين وتطلق الآراء والاجتهادات التي تفتقر إلى الخبرة الكافية بأمور العصر وخبايا السياسة وتعقيداتها. ولو كان لي من الأمر من شيء لمنعت هؤلاء جميعا ولوفرت على هذا البلد هذا التشويش الذي يتسببون فيه ولحميت هذا الوطن من عمليات التشويه لصورته العقدية ولمنعت شرا مستطيرا قد يؤدي إلى ما هو أسوأ وأدهى. ضمير مستتر: الداعية الأمين لا يقحم نفسه في أمور تسيء إليه وإلى بلده وإلى العقيدة أولا وأخيرا.