ورد في تقرير إحصائي صدر عام 1431ه للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ""سمة""، أن في المملكة نحو 800 ألف منشأة مرخصة، منها نحو 15,4 ألف شركة فقط بإجمالي رأسمال يبلغ 782 مليار ريال. بلغت نسبة الشركات 2 في المائة، و67 في المائة منشآت فردية. نسبة العمالة الوافدة في السوق تبلغ 87 في المائة، تشكل نسبة الأمية فيها 67 في المائة، وذكرت الإحصائية أن متوسط عدد العاملين في المنشآت السعودية 8,4 عامل لكل منشأة. هذه الإحصائيات تعني أن هناك اختلافاً في المعلومات المتوافرة عن حجم السوق وحجم العمالة الأجنبية فيها، فبينما تذكر إحصائيات أخرى أن عدد العمالة الأجنبية تجاوز ثمانية ملايين، تعيدنا إحصائية ""سمة"" إلى منطقة ستة ملايين عامل أجنبي. ولو فرضنا أن عدد العمالة تجاوز هذا الرقم خلال السنتين الماضيتين، ولنفرض أن هناك ثمانية ملايين عامل أجنبي في المملكة، وأن معدل العمالة في منشآت القطاع الخاص يبلغ عشرة عمال بغض النظر عن حجم المنشأة، فإن هناك وسائل كثيرة لضمان توفير الوظائف للمواطنين. أقدم لكم اليوم أحد الحلول، وهو يستند إلى ما أشاهده يومياً من النقد الشديد لخطط وزارة العمل في الإعلامَيْن القديم والجديد، موقناً بأن المواطن الذي ينتقد وضع العمالة الأجنبية سيكون أول المتحمسين لرؤية أبناء الوطن في المؤسسات والشركات التجارية والداعمين لذلك. كما يعتمد على وجهة النظر التي يدعمها فريق من المواطنين - وهم الأغلبية، الذين يريدون أن يروا المواطن في وظائف جيدة، تحترم التزاماته الاجتماعية والأسرية وتحقق له عائداً يلائم هذه الالتزامات. فالتفكير الذي تبناه البعض من ناحية أن ينافس السعودي في أعمال مثل السباكة والكهرباء والبلاط وغيرها من الأنشطة الحرفية قد يكون متفائلاً بعض الشيء، إذ إنه لا يمكن أن ينافس السعودي في هذا المجال في الوقت الحاضر وبالأسعار الدارجة وبحالة السوق ""السائبة"" الحالية وظروف العمل السيئة. يتبنى هذا الحل عملية الإحلال المنطقي والتدريجي لأبناء الوطن في الوظائف التي يمكن أن يتدربوا عليها، ويمكن أن ينافسوا فيها، ويمكن أن توافق الحال السائدة في السوق. هذا يعني أن على المؤسسة العامة للتدريب المهني والفني وصندوق الموارد البشرية والجامعات وغيرها من منظومات التدريب للتوظيف، أن تعمل على تحقيق مخرجات عالية الكفاءة في المجالات التي يتكون منها هذا المقترح. المقترح ببساطة هو أن يلزم كل من يستخرج سجلاً تجارياً أو يرغب في تجديد سجله التجاري بتوظيف ثلاثة سعوديين في ثلاث وظائف أساسية هي المدير العام ومدير الموارد البشرية، والمحاسب، إذا كان عدد موظفي المنشأة يتجاوز عشرة موظفين. أما السجلات التي توظف عدداً أقل من ذلك فهي ملزمة بتوظيف مواطن سعودي واحد على الأقل في المؤسسة بشرط ألا يكون موظفاً في أي وظيفة أخرى أو يتلقى رواتب من أي جهات غير المؤسسة التي تم تسجيله فيها. ما فوائد هذه المبادرة؟ يسألني البعض. أقول وبالله التوفيق: - تحقق هذه المبادرة ضمان التوظيف للسعوديين في كل المنشآت بغض النظر عن حجمها. - تضمن المبادرة التوظيف على وظائف جيدة وذات مردود ومقبولة اجتماعياً، ويمكن التدريب عليها بسرعة وسهولة. - يمكن توظيف ما لا يقل عن 1.5 مليون مواطن بهذه الطريقة، وذلك لأن حجم المنشآت الصغيرة يتجاوز 90 في المائة من عدد المنشآت المسجلة في السوق؛ نصفها لا يتجاوز عدد العاملين فيها العشرة، وهو ما يجعل المردود في عدد الوظائف المسعودة أقل. - يمكن أن تسهم هذه المبادرة بالتوازي مع المبادرات الأخرى في توظيف أعداد أكبر، بل يمكن أن تحول الموظف السعودي إلى الندرة بدل البطالة. هذا المقترح يمكن أن تدعمه الجهات المختصة بوضع شعار على مكاتب المؤسسات المنضبطة كختم جودة، يقول ""الإدارة سعودية""، وذلك لضمان تفاعل الجمهور مع هذه المؤسسات والمنشآت وزيادة الطلب على مخرجاتها. لكن كيف نلزم هذه المؤسسات بتنفيذ المبادرة؟ ينبغي أن تكون الوظائف المسجلة في سجلات المنشأة حقيقية وليست وهمية - كما هو حاصل في كثير من المؤسسات اليوم. ينطبق على الوظائف المطلوبة التزامات محددة أجملها في الآتي: - يجب أن ترسل المؤسسة نسخة من إيداع رواتب الموظفين السعوديين لوزارة العمل، وبالإمكان إلزام الموظف بإرسال نسخة من حسابه الشهري كل ستة أشهر مثلاً، بتنسيق يسيطر عليه الحاسب الآلي. - تقوم فرق الرقابة الممثلة لوزارة العمل بالتأكد من تطبيق القرار فعلياً، وليس شكلياً. - يجب أن توضع عقوبات رادعة لمخالفي التنظيم المذكور تضمن عدم الوقوع في المخالفة. - يجب أن تضع الوزارة أو الصندوق مكافآت سخية لمن يبلغ عن التجاوزات، ويثبت صحة كلامه من خلال التحقيق والبحث والتحري، وهذه الحوافز يمكن أن تخصم من المؤسسة ذاتها. - يجب التشهير بالمؤسسات المخالفة والإعلان عن أسمائها في وسائل الإعلام وعلى حسابها. ينفذ هذا التنظيم كجزء من منظومة دعم توظيف السعوديين في مختلف الوظائف، ويستمر تحفيز الشركات والمصانع التي يتجاوز عددها 50 ألفاً، على قبول المواطنين بمختلف الوسائل في الوظائف الهندسية والتقنية والتخصصية بشكل عام، ويرتبط ذلك بحزمة الحوافز الحكومية التي من ضمنها التسهيلات والقروض لتكون شبكة متماسكة تدعم توطين الوظائف.