من الذي منح كاتب العدل هذه الحصانة الاجتماعية حتى يجد من يدافع عنه ويبرر جرائمه وسرقاته واختلاساته ورشاواه؟ ألم يكن من المفترض أن تتعامل وزارة العدل مع كاتب العدل على أنه موظف، كغيره من موظفي الوزارة؟ وعلى الجانب الآخر: ألسنا نحن من ساعد كاتب العدل أن يختلس.. ألسنا نحن الذين منحناه الضوء الأخضر، حينما وضعناه في مربع النزاهة المطلقة، لا يضعف ولا يلين ولا تأتيه الشبهات من أي جانب؟ ألسنا اليوم في موقف الحائر المتعجب ونحن نقرأ أخبار الاختلاسات الضخمة التي يقوم بها كتّاب العدل؟ قبل يومين ألقت الجهات الأمنية القبض على كاتب عدل، يعمل بكتابة عدل جدة لتورطه في تزوير 6 وكالات بيع عقارات لمواطنين دون علمهم بالتواطؤ مع 4 هوامير عقارات، قاموا بدفع الرشوة له.. هكذا ببساطة.. تنام وأنت تمتلك أرض أحلامك، وتستيقظ وقد تم إفراغها باسم شخص آخر، بمساعدة كاتب عدل مختلس! كنت وما زلت أتجنب التعليق على القضايا الشاذة أو النادرة، يقيناً مني أن إثارتها أو التركيز عليها يفقد الإنسان موضوعيته.. لكن حينما أصبحت قضايا الرشاوى تتكرر هنا وهناك، أصبح لزاماً علينا أن نفتح هذه الخزينة المغلقة.. في "اليوم الدولي لمكافحة الفساد" قال رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إن كل مسؤول في الدولة سيطالب بإعداد قائمة بالذمة المالية: كم يملك؟ ومن أين أتى بماله؟ وستقوم الهيئة بعد ثلاث سنوات بالتحقق من ممتلكات المسؤول وإن اختلفت الممتلكات والأرقام فسيدخل المسؤول دوائر الشبهات.. أليس من المفترض أن نبدأ بكاتب العدل ونسأله: من أين لك هذا؟!