مع إيماني بأن وزارة العدل تحاول جاهدةً أن تستفيد من بعض التقنيات المتاحة لتطوير أدائها، وهو ما أشرت له في مقال الأمس، إلا أن ثمة مسافة يجب أن تقطعها الوزارة فيما يتعلّق بمجال الأحكام. وليس بالضرورة أن أكون متبحراً أو مؤهلاً في مجال القضاء لكي أدلي برأيي في هذا المجال، فالكثيرون توجهوا بنداءات للوزارة، والكثيرون كتبوا مقالات تشير لهذا الأمر، مما يؤكّد هذه الحقيقة، ومما يجعلها مطلباً للجميع. إن مسألة أن لكل قاضٍ وجهة نظره، وأن النظر في القضايا تحتّمه ظروف مختلفة، لم تعد تقنع المتابعين لهذا الشأن، خاصة عندما يصدر حكمان متناقضان لقضيتين متشابهتين، لهما نفس الظروف، ولا يختلف عليها اثنان. ومثل هذه الأحكام تستفز الناس وتفقدهم المصداقية بالقضاة. ولو أن الوزارة اهتمت بهذا الجانب، وكرّست له مختصون متميّزون، كما اهتمت باستخدام التقنية الحديثة في تسيير أعمالها اليومية، لكان بالإمكان توسيع دائرة الثقة بالدوائر العدلية. إن الحكم الذي صدر ضد الفتاة التي تلفظت على عضو الهيئة ورمته بحذائها، لأنه شَكَّ في أن من معها بالسيارة ليس أخاها، قد يكون معقولاً لو صدر معه حكم على العضو لأن شكّهُ لم يكن في محله، ولأنه استفز كلاً من الشاب وأخته. ولأن هذا لم يحدث، فإن نشر الحكم على الفتاة، أثار استفزاز الجميع.