خلال 48 ساعة هاجم ملثمون مركز شرطة تاروت بالمولوتوف والرشاش، قبل أن يعود الملثمون للفعل ذاته بالهجوم، أمس، على دورية أمنية بالرشاش أيضاً، في فعل إرهابي يتكرر بين الحين والآخر، يحصد جنوداً تارة، ومواطنين تارة أخرى، ناهيك عن التبعات الخطيرة لو نجحت محاولات هؤلاء الإرهابيين في حرق مركز شرطة أو مبنى حكومي، كما حدث في محاولة حرق محكمة القطيف، تخيلوا كيف ستكون هيبة الدولة عندها؟ بعد أكثر من عام على اندلاع شرارة أعمال الشغب في القطيف، آن الأوان لجرد حساب عمّا يجري هناك، ولمصلحة مَن يغض الكثيرون من عقلاء القطيف النظر عن الأحداث الإجرامية الإرهابية، لا يمكن الانتظار على المدرج لهؤلاء المتفرجين، بينما مقدرات الوطن تتعرّض للإرهاب. أستمع، كلما حانت الفرصة، لخطب الجمعة لبعض رموز القطيف، إلا أن المفاجأة تهزني بقوة. إنهم يخطبون وينصحون وينتقدون في كل قضايا الدنيا، لكنهم يبتعدون كلياً حتى عن التلميح لما يحدث حولهم وقريبا منهم، لا يشيرون من بعيد أو قريب إلى مَن يعرّضهم ووطنهم وأبناءهم للخطر. وهنا يحق لنا أن نتساءل: هؤلاء مع مَن؟ وضد مَن؟ ومَن يغطي على مَن؟ شخصياً.. أنا على قناعة بأن العمليات الإرهابية في القطيف ستنتهي فور استقرار المنطقة من الزلازل التي تتعرّض لها، خشيتي الحقيقية على شرخ يتسع يوماً بعد الآخر بين مواطني هذه البلاد، وأعني بين الأقلية الشيعية والأغلبية السنية، وإذا كان جرح الإرهاب يمكن معالجته في وقت قصير، فإن شرخ الطائفية يحتاج إلى سنوات طوال حتى يمكن فقط التقليل منه، لا ردمه نهائياً، ومع هذا يُغض النظر عن عمليات إرهابية تتم بشكل مستمر دون إدانتها بشكل واضح وكافٍ. قبل ثلاثة أشهر وُلد بيان متأخر كثيراً، لكن وقعه كان قوياً، عندما أصدر مجموعة من علماء القطيف بياناً أدانوا فيه العنف "ضد الأنفس والممتلكات والمؤسسات العامة"، وبعيداً عن تراجع بعضهم عن البيان فيما بعد!، كم كان البيان ضرورياً للفصل بين المجرمين الإرهابيين وبين العقلاء الذين لا يتشرفون بتلك الأفعال المشاغبة، غير أن الاستمرار على ذكرى البيان اليتيم لا يكفي، حتى لا يبدو وكأنه صدر لتسجيل موقف وقتي، وليس لمحاربة فئة بغت وتجبرت وأفسدت في الأرض. البلاد والعباد في حاجة لأكثر من بيان وخطبة وحديث صريح يسمي الأشياء بأسمائها، من يدري فربما يقرأ الإرهابيون أن هذا الصمت من قبل كبارهم هو غض للنظر عمّا يقومون به، عندها كيف تستطيع إقناع الإرهابيين بأن أفعالهم خارجة عن القانون، ألا يمكن أن تترسخ قناعة، على الأقل في تصورهم، أن هناك من يدافع عنهم بعدم الإدانة المباشرة لأفعالهم على يقين بأنه لو أدينت الأفعال الإرهابية هذه بشكل مباشر وصريح، لما استمرت طوال الأشهر الماضية في الطعن في خاصرة الوطن، مع الأسف، هناك ممن لا يقبل بها، ولكنه في الوقت ذاته لا يتقدم خطوة للأمام في رفضها، فهو يمارس هواية الصمت علّه يستفيد من جانب آخر!