من جديد .. خاصرة الوطن في القطيف تتعرض لشوكة غرستها مجموعة من أبنائه. لم يشفَ جرح الوطن بعد من أحداث العوامية المؤسفة، حتى خرج علينا من يستلهم تجارب الآخرين التخريبية، لكنه يضيف إليها لمساته الإجرامية الخاصة، بحمل السلاح وترويع الآمنين من المواطنين ورجال الأمن. من سمع الهتافات التي رددت في القطيف، وهي متوافرة على موقع اليوتيوب، لا يملك إلا استنتاجا واحدا لا غير، أن ما جرى تصعيد خطير ومحاولة بائسة للانقلاب على مفاهيم الدولة. لم يكن شغبا أو تخريبا، أو حتى لمطالب زعموا أنها لم تجد غير إطلاق النار أسلوبا لها. فهؤلاء الإرهابيون يبدو أنهم استمرأوا الفتنة، فبئس ما عملوا، وبئس لمن زين لهم عملهم الشيطاني هذا. كم كان بيان وزارة الداخلية حكيما وهو يصف هؤلاء الإرهابيين ب ""المغرر بهم""، على الرغم أنهم، في رأيي، ليسوا كذلك أبدا، لكن هكذا تتعاطى الدول مع أبنائها باستيعابهم إلى أبعد مدى، حتى ولو قصر نظرهم وشان فعلهم، هم ومن خلفهم، وحتى لو ظنوا خطأً أن سعة الصدر هذه ستستمر طويلا، ومع هذا انتظروا أولئك الذين سيخرجون علينا، اليوم أو غدا، بانتقاد هذا البيان، وهذا أمر اعتدناه من المشككين في كل ما هو سعودي. أليست بطولتهم أن يلعبوا هذا الدور؟ أما عقلاء القطيف، فلا أظن أن أيا منهم يقبل بما تتعرض له خاصرة الوطن، وليس هذا وقت خروج أبناء مدرسة ""بني لكن"" الشهيرة لتبرير أفعال الإرهابيين، فبالصوت والصورة ثبت أن الإرهابيين ليسوا صغار سن حتى نتلمس لهم الأعذار، بل كانوا من شرائح متعددة، كبارا وصغارا، رجالا ونساء، لذا نحن في انتظار موقف وطني صارم غير تبريري، يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، وينزع الشوكة التي غرست في خاصرتنا جميعا. وما أحكم أولئك المواطنين الذين قدموا مصلحة بلادهم على كل ما عداها، وسلموا أبناءهم للجهات المختصة، نزعا منهم لفتيل أزمة أراد لها البعض أن تحرق الوطن وأهله. من يبرر لإرهابيي القطيف الذين حملوا سلاحهم في وجه الوطن وأهله، من ""بني لكن""، ليسوا بعيدين عن أولئك الذين برروا ل ""القاعدة"" عملياتها الإرهابية. إرهابيو ""القاعدة"" حملوا السلاح في وجه الدولة، وإرهابيو القطيف فعلوا الأمر ذاته، فما الفرق؟ كلاهما في المركب نفسه، والمتعاطفون معهم لا يختلفون كثيرا. لكننا نقول للمتعاطفين مع إرهابيي القطيف: رجاء لا تقفزوا من المركب لاحقا كما سبقكم المتعاطفون مع ""القاعدة""، فذاكرة الجميع تستوعبكم واحدا واحدا! سيبقى أبناء الوطن من أهل القطيف، كما هم أهل الوطن من شماله وجنوبه وكل بقاعه، لا يزايد عليهم أحد في ولائهم ولا عشقهم لهذا التراب، كما سيبقى الإرهابيون شذَّاذا عن أقرانهم في كل قرية من قرى القطيف، لا يمثلونهم ولا ينوبون عنهم، لكن الحذر كل الحذر من ""بني لكن""، هؤلاء هم العدو الحقيقي فاحذروهم، فلم يعد الركون للمنطقة الرمادية ينطلي على أحد، إما الوطن أو الانقلابيين، عليهم الاختيار.