تقول لغة الأرقام إن دخل الشيخ «ساهر» أصبح يضاهي مداخيل كبرى الشركات في البلد، ففي الشهر الواحد يحقق 417 مليون ريال شهريا، وفي عام 2011 حقق دخلا إجماليا بلغ 5 مليارات ريال. هكذا دون أي جهد أو طوابير من الموظفين والقوى البشرية، ودون أي مصروفات أو رسوم أو ضرائب، يأتي «ساهر» ليحقق مداخيل كبرى في زمن قياسي، بكاميرات موزعة على الطرق وسيارات مختبئة. كنا نعتقد أن هذا النظام وضع للحد من الحوادث ولسلامة البشر، لكن يبدو أن هذه الصورة الوردية ليست صحيحة، فالتقرير الذي صدر مؤخرا عن الطرق لم يلمح إلى دور ساهر في ضبط الحركة المرورية، بل إنه يؤكد أن معدلات الوفاة على الطرق والشوارع في تصاعد مستمر بنسبة %10 في 2012. وتقول السيدة التي قدمت الدراسة وهي زينة ناظر، المديرة العامة لشركة إنوفا للاستشارات، والسكرتيرة العامة للشركة العربية لأنطمة النقل الذكية، إن هناك 19 حالة وفاة يوميا بسبب حوادث الطرق، ويصنف تقريرها طرق المملكة من أخطر الطرق في العالم. حسنا، أين هو ساهر من كل هذا، غائب تماما إلا من ضجر المواطن وتحسبه ودعائه، والنظام الرقابي المعمول به حاليا ليس له أي علاقة ببث الوعي بين السائقين، بقدر ما يعمل على تقصد مخالفة مستخدمي الطرق، من خلال زرع الكاميرات والسيارات في مواقع غريبة ومفاجئة. وبالعودة إلى التقرير فهو يؤكد أن معظم الحوادث المرورية يتسبب فيها الشباب نظرا لعدم نضوج حس المسؤولية لديهم وعدم اكتراثهم وحبهم للمغامرة، ولو أننا ركزنا على توعية الشباب ورفع مستوى علاقتهم بقيادة المركبة، لكفانا ذلك «ساهر»، الذي يخالفه الأبناء ويدفع مخالفاته آباؤهم من دم قلوبهم.