سعود بن هاشم جليدان - الاقتصادية السعودية تتعرض المملكة لانتقادات حادة بسبب تصاعد استهلاكها المحلي من الطاقة. وتشير آخر بيانات لمؤسسة النقد العربي السعودي منشورة عن استهلاك المملكة المحلي من الطاقة (النفط والغاز) إلى أن إجمالي استهلاك المملكة قد وصل إلى 1259 مليون برميل في عام 2010، أو ما يعادل 3.45 مليون برميل يومياً. ومع أن هذا الرقم كبير إلا أنه لا يشمل الاستهلاك المحلي من سوائل الغاز والذي يتجاوز 350 ألف برميل يومياً، ويذهب للصناعات البتروكيماوية. وهذا يعني أن الاستهلاك المحلي من النفط والغاز الطبيعي وسوائل الغاز تجاوز 3.75 مليون برميل يوميا في عام 2010. وارتفع استهلاك المملكة بنسب جيدة خلال العامين الماضيين خصوصاً مع وتيرة النمو الاقتصادي القوي، ومن شبه المؤكد فإن استهلاك المملكة من النفط والغاز الطبيعي وسوائل الغاز قد تجاوز مستوى أربعة ملايين برميل من الزيت المكافئ يومياً. وهذا المستوى من الاستهلاك كبير جداً بالنسبة لدولة يسكنها أقل من 30 مليون إنسان. وبلغ الاستهلاك المحلي من النفط ومنتجاته نحو 723.7 مليون برميل في عام 2010، أو نحو مليوني برميل في اليوم حسب بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي. وقد نما استهلاك المملكة خلال العامين الماضيين بنسبة لا تقل عن 10 في المائة، مما يعني أن استهلاك المملكة قد يتجاوز 2.4 مليون برميل في اليوم خلال الوقت الحالي. وتباع معظم منتجات النفط بأسعار متدنية، وتحصل المصافي المحلية على النفط بأسعار تقل عن عشرة دولارات للبرميل الواحد. ونتيجةً لذلك فإن مستويات الدعم لا تقل عن 90 دولاراً للبرميل الواحد عند مستويات أسعار النفط الحالية. وبناءً على ذلك تتجاوز قيمة الدعم اليومي الضمني لمنتجات النفط في الوقت الحالي 216 مليون دولار، أو 810 ملايين ريال، أو نحو 295.7 مليار ريال سنوياً. ولا يقتصر الاستهلاك المحلي على النفط، بل إن الغاز الطبيعي يباع إلى شركة الكهرباء والصناعات البتروكيماوية عند مستويات أسعار متدنية تبلغ 75 سنتاً للألف قدم مكعبة. وهي تقل عن متوسط أدنى الأسعار العالمية بنحو 2.25 دولار. وعند مستويات الاستهلاك الحالية البالغة نحو 1,5 مليون برميل زيت مكافئ، فإن مستويات الدعم من خلال الغاز الطبيعي تصل إلى نحو 27 مليار ريال في العام. كما يقدم دعما للصناعات البتروكيماوية يتجاوز عشرة مليارات ريال على شكل تخفيضات مقدارها 30 في المائة على أسعار سوائل الغاز الطبيعي. وبهذا يتجاوز مقدار الدعم المقدم لاستهلاك الطاقة 330 مليار ريال في السنة عند مستويات الأسعار الحالية. واستهلكت صناعة الزيت نحو 33 مليون برميل يوميا من النفط في عام 2010، كما استهلكت كمية غاز طبيعي تصل إلى نحو 300 ألف برميل من النفط المكافئ يومياً. وللعدالة يجب أن تحذف الكميات التي تستهلكها صناعة النفط من الاستهلاك المحلي عند حساب حجم الدعم المقدم للمستهلك المحلي لأنها ضرورية لإنتاج النفط وداخله في تكاليفه. وإذا ما تم حذف الجزء الذي تستهلكه صناعة النفط من الاستهلاك المحلي فإن حجم الدعم سينخفض بنحو 15 مليار ريال وهذا يعني أن مقدار الدعم للمستهلك المحلي من الطاقة بعد استبعاد استهلاك قطاع النفط يصل إلى نحو 315 مليار ريال. وهذا المبلغ يتجاوز رواتب موظفي الدولة بقليل، كما أنه لا يدخل ولا يحسب ضمن إيرادات أو مصروفات الميزانية لأنه يقتطع عند المصدر. وهنا قد يتبادر إلى الذهن تساؤل عن إمكانية استبدال دعم أسعار الوقود ببدل نقدي، فهل سيقبل المستهلكون بهذا الخيار؟ ويتوقف قبول المستهلكين على حجم البدل النقدي فإذا كان أكثر من الدعم العيني أو مساوياً له فسيقبلون. وتصل قيمة الدعم الضمني لأسعار الطاقة إلى 11 ألف ريال لكل فرد يقطن المملكة. ولو منح كل فرد هذا المبلغ مقابل القبول بأسعار طاقة عالمية (أسعار بنزين تصل إلى ثلاثة ريالات للتر، وأسعار كهرباء تصل إلى 25 هللة للكيلووات)، فإن الأسرة المتوسطة المكونة من ستة أفراد ستتمكن من الحصول على دعم نقدي مقداره 66 ألف ريال في السنة (100 ألف ريال لو استثني الأجانب). وأعتقد أن معظم الأسر متوسطة الحال ومنخفضة الدخل ستقبل بهذا الخيار لأن مستويات استهلاكها من الطاقة منخفضة، بينما سيعارض ميسوري الحال ورجال الأعمال هذا الخيار لأنهم المستفيد الأكبر من دعم أسعار الطاقة.