في عام 2005م، حين كنت معدا لبرنامج «الطاولة المستديرة» بقناة الرياضية، أعددت حلقة بعنوان «الرياضة المدرسية للطالبات»، وكان المشاركان طبيبا «الدكتور صالح قنباز» وداعية «عبدالله الشمالي»، وبعد أن شرح الطبيب قيمة الرياضة للمجتمع، وكيف هي ستقلل من ميزانية وزارة الصحة؛ لأن الأجسام التي تمارس الرياضة أقل عرضة للأمراض ممن لا تمارس الرياضة، وأن حصة واحدة لا تكفي بالأسبوع للطلاب والطالبات، بل أن تصبح يوميا. تداخل الداعية ليروي مفاسد أن تمارس الطالبات الرياضة في المدرسة، وأن الرياضة ستجعل الفتاة تفتن بالفتاة، أي ستتسبب الرياضة بالشذوذ الجنسي، وأنها ستضر المجتمع اقتصاديا، بحكم أن المرأة ستبذر الأموال على الملابس الرياضية، ثم عاد ليتحدث طبيا عن الأمر، مؤكدا أن ممارسة الرياضة للفتاة ستؤدي بها للعقم. حاول الطبيب ألا يتصادم مع ما طرح، مؤكدا أنه وخلال دراسته وعمله وحضوره مؤتمرات طبية لم يقرأ أي بحث علمي يؤكد أن الرياضة سبب للشذوذ، بل هي علاج أولي لتثبيط الجنس، وأن الشذوذ مرتبط بالاضطرابات النفسية، كذلك لم يقرأ بحثا يؤكد أن الرياضة تسبب العقم للرجال أو للنساء. في ذاك الوقت، لم أعرف من أقنع المجتمع أكثر الطبيب أم الداعية، اليوم 2012م، وأنا أقرأ ما نشر في صحيفة «عكاظ» يوم الاثنين الماضي، عن توصية من «منظمة الصحة العالمية» سترفع للجهات المسؤولة في المملكة بضرورة إدخال مادة التربية البدنية في مدارس البنات، من أجل التغلب على المشاكل الصحية الموجودة في بلدان إقليم الشرق الأوسط، وأهمها البدانة المفرطة وقلة الحركة المؤدية للأمراض المزمنة. قلت: في ذاك الوقت لم أعرف من أقنع المجتمع. اليوم، باستطاعتي معرفة أن الداعية هو من أقنع المجتمع، والدليل أننا وبعد 7 سنوات من الحديث عن الرياضة المدرسية للطالبات، ما زالت المحاولات مستمرة لإقناع المجتمع بقيمة التربية البدنية للطالبات، إحدى هذه المحاولات هذه التوصية عل المجتمع يقتنع. ويبقى السؤال الأهم: كيف استطاع الداعية أن يقنع المجتمع أكثر من الطبيب، مع أن الجدل طبي، وليس عقديا؟.